الشاعر الموريتانى العباس بده: الشعر فلسفة يحمل فى طياته تفسير الواقع (حوار)
اشراق العالم 24 متابعات ثقافية:
العباس محمد أحمد بده، شاعر موريتاني حصل على العديد من الجوائز الأدبية، وشارك في العديد من المهرجانات والأماسي الشعرية والأدبية داخل وخارج موريتانيا، وعن تجربته الشعرية وعلاقته بالفلسفة، أجرى اليوم السابع معه حوارًا.. إلى نص الحوار.
– متى اكتشفت موهبتك في الشعر؟
هذا السؤال هو أحد أصعب الأسئلة التي يمكن أن تطرح على الشاعر ذلك أن الشاعر في الغالب يولد شاعرا، ولكن الكثير من الشعراء لا يكتشفون وجود الموهبة وإمكانية الكتابة الشعرية إلا في وقت متأخر نسبيا وأنا من هذا النوع إذ لم أكتب شعرا في مرحلة الطفولة أو بداية المراهقة مثلا إذ كتبت نصوصي الأولى وأنا في الفصل النهائي من المرحلة الثانوية وبداية المرحلة الجامعية أي في الثامنة عشر أو التاسعة عشر من عمري، غير أن الشغف بالشعر وقراءة الشعر و الإنصات للطبيعة و الإحساس بعناصرها أمور حضرت معي منذ البداية أي منذ الطفولة.
– من المؤكد أن عملية اكتشاف موهبتك في كتابة الشعر سبقتها أمور عدة مثل القراءة.. فلمن قرأت في بداية حياتك؟
بالطبع قبل اكتشاف الموهبة والقدرة على كتابة الشعر كنت أشعر بمجموعة من الأمور من المؤكد أنها كانت إرهاصات لما أصبحت عليه ومن هذه الأمور والأشياء هو هذا الشغف الجارف بالشعر والنصوص الموزونة ففي كتب المناهج الدراسية مثلا كنت أقرأ الشعر فقد والنص الشعري كنت منذ البداية أعتبره نصا “مقدسا” ليس كغيره من النصوص وتواصل معي هذا الشغف من مرحلة الإبتدائية حتى مراحل المرحلة الإعدادية التي اطلعت فيها على علم العروض وحفظت أوزان البحور المقررة في تلك المراحل وازداد شغفي بالشعر، ولأنني نشأت في أسرة ريفية بسيطة لاتمتلك ككل الأسر الريفية في موريتانيا مكتبة ولا كتبا كانت كتب المناهج الدراسية هي كل ما أقرأ ومن خلالها اطلعت على شعر الكثير من الشعراء لعل أبرزهم معروف الرصافي و حافظ إبراهيم و أبي القاسم الشابي و الشاعران الموريتانيان أحمد ولد عبد القادر و فاضل أمين وهذا الأخير أثرت في تجربته النضالية و الشعرية أيما تأثير.
– من الشخصيات الأدبية التي تأثر بها الشاعر العباس محمد أحمد بدَّ؟
في الثانوية من دراستي أصبحت علاقتي بالشعر تختلف عن علاقتي به منذ الطفولة وقد ساهم في ذلك انتقالي من قريتي النائية إلى العاصمة نواكشوط التي قرأت فيها المرحلة الثانوية و الجامعية وفي هذه الفترة الزمنية بدأت أزور بعض المكتبات وبعض معارض الكتب وبدأت أحتك بالوسط الثقافي النشط في المدينة وتأثرت كثيرا بظروف المدينة وحركة الإبداع فيها وأما في ما يخص الشخصيات التي تأثرت بها فأعتقد أنه في البداية ربما تأثرت بشعر وشخصية كل من أبي القاسم الشابي وعنترة بن شداد العبسي و فاضل أمين ولكن بعد ذلك اطلعت على تجارب شعرية كثيرة كثيرة جدا ومختلفة قديمة وحديثة وساهم كل منها في إثراء تجربتي الشعرية.
– هل ترى أن مشاركة الشاعر في مهرجانات تعد منصة حقيقية لتقديم شعره أمام مختلف البلدان ؟
بالفعل المشاركة في المهرجانات بشكل عام هي فرصة كبيرة لانتشار الشاعر و اطلاعه على تجارب غيره من الشعراء واطلاع الآخرين على تجربته مثل مهرجان الشارق للشعر العربي الذى هو على الأبواب إذ ينطلق يوم 6 يناير المقبل، هو أحد أهم المهرجانات الشعرية التي تقام في الوطن العربي وكل شاعر يتمنى ويحلم أن يجد فرصة للمشاركة في مثل هذا المهرجان ويعيش في هذه الأجواء الرائعة و الوودية والباذخة وأن ينصت للأصوات الشعرية المبدعة الصادحة من كل أقطار الوطن العربي الكبير من المحيط إلى الخليج، ومثل هذا الأجواء.
– صدر لك ديوان بعنوان “مالم يقله ناي” فما الذي يتسم به هذا الديوان وما الرسالة التي تريد إصالها للمتلقي؟
نعم صدر مطلع العام 2022 ديواني الأول “مالم يقله ناي ” عن دائرة الثقافة في الشارقة، فهو عبارة عن مجموعة من النصوص التأملية والإنسانية والرسالة الأساسية التي أردت أن أرسل من خلاله هي رسالة الاحتفاء بالحياة وقيم والتسامح والجمال والفن والإبداع و قد حظى هذا الديوان باحتفاء كبير ولاقى أصداء كبيرة في الأوساط الثقافية والشبابية الموريتانية لحظة صدوره ومازالت أصداء ذلك تتردد حتى الآن.
– موريتانيا كما يقولون بلد المليون شاعر.. فصف لنا حال الشعر هناك؟
تسمية موريتانيا بهذا الإسم كما هو معروف هي تسمية ربما جاءت بالصدفة عندك أطلقتها مجلة العربي الكويتية بعد الاستطلاع الذي أجرته في نواكشوط سنة 1967م على ما أظن وأعتقد أنه كان ولازال لهذه التسمية بعض الوجاهة حيث أن الإنسان الموريتاني في الغالب يكون بين حالين إما يكتب الشعر وإما هو مهتم بالشعر و يحفظه ويحبه ويتفاعل معه وبهذا المنطق أعتقد أن موريتانيا ستظل تليق ويليق بها هذا الاسم.
أما الشعر الموريتاني فأعتقد أن القصيدة الموريتانية مع الجيل الشعري الشاب تطورت كثيرا والدليل على ذلك هو ثراء الساحة المحلية بالشعراء والشعراء والمتميزين والمبدعين في مختلف أنماط الكتابة الشعرية ، إضافة إلى الحضور القوي واللافت للقصيدة الموريتانية الشابة في المحافل الأدبية سواء في المهرجانات الأدبية أو في الجواهز وغيرها.
– هل هناك ديوان تحضر له في الوقت الحالي؟
نعم عندي ديوان بعنوان “ضحكة في وجه الأساطير ” وهو تحت الطبع حاليا و لدي مخطوطات شعرية أخرى ستكون جاهزة للنشر خلال الأشهر المقبلة.
– هل ترى أن الشاعر يحمل مسئولية نقل الواقع أمام القراء من خلال قصائده الشعرية؟
الشعر بالنسبة لي يشبه الفلسفة فهو بهذا المعنى يحمل في طياته تفسير الواقع والتعبير عن الوقع ومواجهة الواقع ويزيد الشعر على الفلسفة بصفة التعالي على الواقع ورسم واقع خيالي، أما الشاعر فهو مسؤول عن كل شيء وغير مسؤول عن أي شيء في الوقت نفسه.
– لقد تخصصت في علم الاجتماع وعملت كمدرس للتاريخ والفلسفة ..فهل ساعدك ذلك على تطوير القصيدة لديك؟
نعم لقد تخصصت في علم الاجتماع حيث حصلت على الليسانس والماستر في هذا التخصص واشتغلت بتدريس مواد التاريخ والجغرافيا والفلسفة لأقسام المراحل الثانوية وقد ساعتني وتساعدني هذه العلوم يوميا في تجديد منابع الكتابة وتكثيف روافد الإبداع وكثيرا ما أكتب نصا شعريا بعد تقديم أوشرح درس من الجغرافيا مثلا أو من الفلسفة فهذا حدث معي كثيرا
– عالم الفلسفة بحر عميق وكونك متخصص في ذلك العلم فهل ترى أن علاقة الشعر والفلسفة هو تاريخ بين الحكمة والجنون؟
نعم تخصصت في الفلسفة وكنت في بداية دراستي للفلسفة مولع جدا بالمقولات والإستشهادات الفلسفية وكنت أحفظ الكثير منها حتى أن الإرهاصات الأولى التي انتابتني قبل اكتشاف الشعر هو أنني بدأت في كتابة بعض الأشياء كنت أسميها حِكما أو مقولات فلسفية و لكن بعد ذلك بمدة قصيرة اكتشفت الشعر واكتشفت أنه هو الفن الذي كان يصاحبني منذ الطفولة ولذلك بدأت أسجل أفكاري وآمالي وآلامي من خلاله وبذلك فأنا أرى أن شعري هو انعكاس مباشر وحقيقي لتجربتي في الحياة الخاصة أمرر من خلاله رسالتي إلى الإنسان ، وفي ما يخص علاقة الشعر بالفلسفة فهي علاقة تكامل وتعاون كما أفهمها ذلك أن المعنى الحقيقي لكل منهما هو محاولة تغيير العالم إلى الأفضل طبعا أو هما عبارة عن أدوات لمواجهة الواقع والتعبير عن الوجود وإن بطرق تختلف اختلافا بسيطا.
ــ ما هى آخر قصائدك؟
آخر قصيدة كتبتها هي قصيدة غزلية على طريقتي في الغزل بعنوان “انبثاق في قبضة الوجد” وهي من القصائد التي كتبتها تأثرا بالدروس التي أقدمها لتلامذتي سواء دروس الفلسفة والتاريخ أو الجغرافيا.
انبثاقٌ في قبضةِ الوجدِ
قبْلِي مِنَ الصَّمْتِ ما بعْدِي منَ البوْحِ
كأنَّنِي الشِّعْرُ إذْ يطفُو على اللّوحِ
كأنَّنِي الجيشُ في أدغالِ معتركٍ
يملي على البابِ آياتٍ من الفتحِ
لي ضحكةُ البلبُلِ المشتاقِ لي قبسٌ
منْ نارِ “نيرونَ” لي عمرٌ من الشطحِ
أجريِ كما النهرُ أو كالريحِ من زحمٍ
إلى انفراجٍ إلى فهمٍ بلا شرحِ
أنساب في الأخضرِ النعناعِ رائحةً
يلهوُ بها الشايُ بين الليلِ والصبحِ
أرتلُ الوقتَ منْ حُزنٍ إلى فرحٍ
إلى امتنانٍ إلى صبرٍ إلى جرحِ
وأقرأُ الحظَّ في كفيْ معلمةٍ
يخونُنِي الحدسُ في التعبيرِ في الصدحِ
“هل كان حبًا ” بلى لكنها امرأةٌ
وقلبيَ الطفلُ مجبولٌ على الفضحِ
قالتْ: ستقرأ قلتُ: الآن سيدتي
قالتْ: ستشرحُ معنى الماءِ للملحِ
من أينَ أبدأ ؟ قال الدربُ: في ولهٍ
من سيرةِ النملِ أم من خيبة الصرحِ
من أين أبدأ والأقلامُ متعبةٌ
كمن على الطورِ بعد اليم والسفحِ؟
الحبُ ما الحبُ بحرٌ لا ضِفاف له
وأنتِ ما أنتِ أشواقٌ إلى الفِصْحِ
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.