حرب إسرائيل الأهلية!
مخاوف كبرى من قيام حرب أهلية فى إسرائيل.. لو أن أحدا حدثك عن هذا الأمر فى أى وقت من الأوقات غير اللحظة الراهنة لتخيلت أن فى الأمر مبالغة وأن هناك نوعا من التفكير بتمنى الشر لتلك الدولة باعتبارها عدوا لدودا للعرب، وهو أمر يعبر عنه أفضل تعبير انتشار فكرة الإيمان بقرب زوال إسرائيل لدى قطاع غير محدود من المواطنين العرب.
ولكن أن يأتى هذا الحديث -فكرة الحرب الأهلية- من نتانياهو رئيس الوزراء هناك، فإن ذلك يعكس عمق الأزمة التى تواجهها إسرائيل على وقع تداعيات ما بعد طوفان الاقصى.
حتى هذا الطرح من قبل نتانياهو قد يحمل قدرا من المبالغة يهدف من خلاله الى توظيف الأمر سياسيا، لكن الفكرة نفسها تبقى ضمن دائرة المخاوف لدى قطاع غير محدود من الإسرائيليين. مؤدى ذلك يستدعى المقولة الشهيرة بأنك لا تنزل النهر مرتين، وفى حالتنا فإنه يعنى أن اسرائيل التى نراها ليست هى إسرائيل التى نعرفها أو نتصور أننا كنا نعرفها!
لسنا من المهولين ولكن الفكرة الرئيسية التى نود التأكيد عليها هى أن عملية 7 أكتوبر ألقت وستقى بأثار قريبة وبعيدة المدى على الأوضاع فى إسرائيل بعضها بدأ يظهر والآخر فى الطريق. لعل أبرز مثال يعزز هذا الطرح الهدنة التكتيكية التى أعلن عنها الجيش الإسرائيلى فى رفح دون أن يعلم عنها رئيس الوزراء نتانياهو عنها شيئا، بل وكذلك وزير الدفاع إلى حد إعلان الأول أنه سمع بالهدنة من الإعلام ما أستدعى طرحه مقولة «أن اسرائيل دولة لها جيش وليس جيش له دولة!» الأمر الذى ربما يصب لجهة التأكيد على عمق الخلافات فى إسرائيل وتراجع حالة المؤسسية بها، وهى حالة يؤكد عليها ذلك الخلاف الحاصل بشأن تبعات مسئولية ما جرى فى ظل اتهمات متبادلة بين الاستخبارات وفرقة غزة بشان التعامل مع وثيقة 7 أكتوبر الاستخباراتية، حيث تشير الاستخبارات الى أنها وزعت الوثيقة فى 19 سبتمبر الماضى لكنها لم ترفع إلى الجهات العليا.
إذا أضفت الى ذلك مجموعة المظاهر التى تشير الى عزلة إسرائيل فى مواجهة المجتمع الدولى سواء أمام مذكرة المحكمة الجنائية الدولية أو العدل الدولية أو حتى اتساع نطاق الاعتراف بدولة فلسطين سواء على صعيد الأمم المتحدة أو عدد من دول أوروبا، لأدركت عمق وحجم التأثير الذى وقع على الكيان العبرى بفعل طبيعة ردها على ما جرى، ما يصح معه توصيف ذك اليوم بأنه زلزال مدمر اعتبره البعض يرتقى فى مستواه لوضع أخطر مما جرى فى 6 اكتوبر 73.
الهدف من التأكيد على ذلك الجانب المتعلق بعمق 7 اكتوبر هو كشف زيف دعاوى بعض العرب ذوى الصوت العالى والانهزامى بعدم جدوى العملية التى قامت بها المقاومة الفلسطينية وأنه لم يكن لها أن تقوم بها.
بالطبع فإن ذلك لا يجب أن يعنى ما ما قد يتصوره بعض أنصاف العقول من أن الصورة على الجانب الفسطينى على أبهى ما تكون. غير صحيح إطلاقا، حيث خسر الشعب الفلسطينى «الجلد والسقط» كما يقال، الى الحد الذى يمكن معه القول بأنه ربما لا يعادل خسارتهم سوى ما حدث فى نكبة 48، إنها نكبة جديدة بدون تهجير، على الأقل حتى الآن. على ارض الواقع قد يكون من الصحيح أنه لم يعد هناك شىء اسمه غزة بالمعنى الطبيعى لمفهوم المكان الذى يمكن للإنسان أن يعيش عليه. لكن إرادة المقاومة وحب الاوطان منذ أن نشأ الإنسان على ظهر البسيطة لا تعنى سوى النضال مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات .. وتلك قضية أخرى!
[email protected]
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.