عاجل الآن

الإبادة الجماعية لقتل الفلسطينيين والإبادة الرقمية لإخماد صوتهم

اشراق العالم 24 متابعات عالمية عاجلة:

نقدم لكم في اشراق العالم24 خبر “الإبادة الجماعية لقتل الفلسطينيين والإبادة الرقمية لإخماد صوتهم”

تصدر شبكات التواصل الاجتماعي وتسنّ مجموعة من السياسات التي تبدو في ظاهرها محاولات ضرورية للحد من سوء استخدام حرية النشر، لكنها تضمر ما قد يوظف لمصلحة التمييز و”الفصل العنصري الرقمي” على حساب فئة مستضعفة لمصلحة أخرى “محظية”. ولا يتوقف تطبيق هذه السياسة على العامل البشري فحسب، بل يتجاوزه إلى خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على كلمات مفتاحية لحجب محتوى معين دون تمعن، كما تفعل أدوات الإبادة الجماعية.

لقد قدمت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة نموذجا مجسدا للسياسات التي تنتهجها شبكات التواصل الاجتماعي للتأثير في الرأي العام العالمي ودفعه إلى تقبل الحرب على القطاع وإن أخذت منحى الإبادة، مكملة بذلك أدوات الحرب عبر الفضاء الرقمي.

وفي معنى الإبادة الرقمية، نشر مركز دراسات الجزيرة في دوريته المحكمة “الجزيرة لدراسات الاتصال والإعلام” بحثا لأستاذ الإعلام المشارك في جامعة قطر الدكتور محمد أحمد إبراهيم بعنوان “شبكات التواصل الاجتماعي وآليات التحكم في الرأي العام العالمي: الإبادة الرقمية للمحتوى الفلسطيني خلال الحرب على غزة (2023-2024)”، أجاب فيه عن سؤال: كيف تقود السياسات التي تتبعها شبكات التواصل الاجتماعي للتحكم في الرأي العالمي إلى إجراءات وممارسات تصل إلى مستوى الإبادة الرقمية للمحتوى الفلسطيني خلال الحرب الإسرائيلية على غزة؟

آليات شبكات التواصل الاجتماعي للتحكم في الرأي العام

عندما اقتحمت وسائل الرقمنة مجال التواصل الاجتماعي مع بداية هذا القرن، ظهر ما يمكن أن يسمى “التواصل الكلي”، فهو يشمل الإعلام والتعليم والتواصل المهني والإعلاني والاجتماعي دون حدود مكانية أو زمانية أو قانونية. ويمكن القول إن تعريف وسائل التواصل الاجتماعي يتضمن المكون التكنولوجي (الإنترنت والجهاز) والأيديولوجي (الشفافية والمشاركة والتكامل) فضلا عن المكون الوظيفي.

وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تصنع الرأي العام العالمي بطرق أكثر نجاعة ودون الحاجة إلى نظريات الإعلام، فالخوارزميات المعززة بالذكاء الاصطناعي تقوم بالمهمة وتوصل الرسالة إلى من يهتم لرؤيتها. ولأن مفهوم الرأي العام يعني الكثرة والشمول ويكتسب من صفته العمومية قوة سلطة جماهيرية يصعب تجاوزها، فإن على القائمين بالأمر مراقبة القدرة الهائلة من القوة التي تمتلكها وسائل التواصل.

ويمكن تقسيم أهداف شبكات التواصل الاجتماعي في علاقتها بالرأي العام إلى هدفين رئيسيين: تغيير حالة غير مرغوب فيها وتعزيز رأي جماعي من شأنه أن يطلق حركة اجتماعية، وتعزيز الصورة الذهنية حول علامة تجارية معينة.

لذا فإن الفلسفة التي بنيت عليها شبكات التواصل الاجتماعي تجعل من الفعل الرقابي متجاوزا لمجرد حظر المحتوى الذي ينتهك حقوق الآخرين، بل يتعداه إلى الدخول في المنطقة الضبابية التي تجعل بعض الدول والقوى النافذة تفرض محظوراتها السياسية ضمن لوائح شبكات التواصل الموجبة لفعل الرقابة.

وتنتهج شبكات التواصل الاجتماعي مجموعة من الإجراءات والأساليب التي تمكنها من التحكم في الرأي العام العالمي وقيادته ضمن سياسات الهيمنة الحديثة، وهي من أجل بلوغ هدفها توظف التحكم التقني عبر الذكاء الاصطناعي والتحكم القانوني عبر اللوائح المتعلقة بالخصوصية وحقوق المستخدم.

وتعرف الباحثة رافال محيي الدين آليات التحكم التقني بأنها “استخدام المنصات والسلطات عبر الإنترنت للعمليات والخوارزميات الآلية للتحكم في المعلومات على المنصات عبر الإنترنت أو تصفيتها أو تقييد نشرها”، كما استعارت أستاذة القانون والتكنولوجيا في جامعة كامبردج جينيفير كوبي (Jennifer Cobbe) مصطلح “التحكم” (Governmentality) من الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو ليصبح لدينا ما يمكن تسميته “بالتحكم الخوارزمي” الذي يصف حالة الرقابة الواسعة النطاق على المحتوى الرقمي.

ودرجت الشركات المالكة لشبكات التواصل الاجتماعي على وضع وسنّ تشريعات ولوائح تحدد واجبات المستخدم وحقوقه، ثم تستفيد من الثغرات التي لا تخلو منها وتمرر عبرها أجندة وسياسات خفية خاصة بها. فعلى سبيل المثال، تورد “فيسبوك” في مقدمة شروط الخدمة بندا حول مصادر دخلها نصه كالآتي: “باستخدامك لمنتجاتنا، فإنك توافق على أن بإمكاننا أن نعرض عليك إعلانات نرى أنها قد تكون ملائمة لك ولاهتماماتك. نحن نستخدم بياناتك الشخصية لمساعدتنا في تحديد الإعلانات ذات الطابع الشخصي التي نعرضها عليك”.

إذن، تقر “فيسبوك” باستخدام البيانات الشخصية للمستخدم في تحديد الإعلانات التي ستعرض عليه، وهي هنا تتغافل على أن بيع بيانات المستخدمين بشكل مباشر أو غير مباشر يؤدي في النهاية إلى النتيجة ذاتها، كما أنها تترك الباب مفتوحا أمام الاستخدامات المحتملة الأخرى لبيانات المستخدمين، والتي قد تشمل الاستخدامات السياسية والأمنية والإجرامية.

تعامل الشبكات الاجتماعية مع المحتوى الفلسطيني أثناء الحرب

نشرت شركة “ميتا” في موقعها منشورا باللغات العربية والإنجليزية والعبرية في 13 أكتوبر/تشرين الثاني 2023، وضحت فيه مجموعة الإجراءات التي اتخذتها الشركة بعيد اندلاع الحرب، منها إنشاء مركز للعمليات الخاصة يعمل به خبراء لغتهم الأصلية العربية والعبرية، وذلك لمراقبة الأوضاع السريعة التطور وإزالة المحتوى الذي ينتهك معايير أو إرشادات “ميتا” بشكل أسرع. فعلى سبيل المثال، قامت “ميتا” بحظر كل المنشورات التي تحتوي على عبارة “حماس”، ما عدا التقارير الإخبارية والقضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والنقاش الأكاديمي والمحايدة والمُدين.

وبناء على سياسات “ميتا” تجاه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، انخفض عدد المشاهدات لقصص المؤثرين والمؤثرات، وغيرت الشركة إعدادات الظهور الافتراضية لجميع مستخدميها في المنطقة من “عام” إلى “الأصدقاء فقط”، في حين طبقت سياسة الكيل بمكيالين عندما تعلق الأمر بالوسوم الفلسطينية (مثل #طوفان_الأقصى) ونظيرتها العبرية (مثل وسم الدعوة إلى محو غزة #למחוקאתעזה).

ويشكل كل ما سبق الركائز الأساسية لما يمكن تسميته الإبادة الرقمية، وهو مصطلح مشتق من عبارة “الإبادة الجماعية” التي لا تعني بالضرورة قتل كل أفراد جماعة ما، عرقية أو إثنية أو غيرها، لكنها أيضا تعني تدمير الأسس الرئيسية لحياة مجموعة ما، بما قد يؤدي إلى إبادتها، فالإبادة الرقمية هي محاصرة بنية الخطاب والمحتوى والشكل جميعا، بدءًا بالعبارة والجملة والفقرة مرورا إلى كامل النص.

وتتجلى الإبادة الرقمية في حالة الحرب الإسرائيلية الجارية في طبقتين تحيطان بالمحتوى الفلسطيني، الخارجية منها مكونة من المرجعية المفاهيمية (مثل تصنيفات الإرهاب ومعاداة السامية أو العنف اللفظي أو غيرها)، والمرجعية السياسية (مثل جماعات الضغط والمصالح والقوى المهيمنة) والسرديات المضادة للمحتوى الذي يتعرض للإبادة والأرضية القانونية والتشريعية التي يتم الاستناد إليها، بينما تتكون الطبقة الداخلية من خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بتتبع المحتوى الرقمي، إلى جانب الرقابة البشرية المباشرة التي تصطاد ما تبقى من المحتوى الفالت من قبضة الخوارزميات.

إذن، تقدم شبكات التواصل الاجتماعي نموذجا صريحا لكيفية تغليف الهيمنة وتقديمها في رداء الموضوعية وحماية الفضاء العام من مخاطر التطرف والإرهاب، فما حدث ويحدث للمحتوى الرقمي الفلسطيني خلال الحرب الجارية هو “إبادة رقمية” تستهدف المحتوى وصانعيه على حد سواء، ليصبح القضاء على السردية الفلسطينية امتدادا للإبادة الجماعية على الأرض.


الجدير بالذكر أن خبر “الإبادة الجماعية لقتل الفلسطينيين والإبادة الرقمية لإخماد صوتهم” تم نقله واقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق اشراق العالم 24 والمصدر الأصلي هو المعني بما ورد في الخبر.
اشترك في نشرة اشراق العالم24 الإخبارية
الخبر لحظة بلحظة
اشرق مع العالم

اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading