أدب وثقافة

اعتراف بالفنون الجماهيرية.. ماذا قال المثقفون عن تكريم عدوية بيوم الثقافة؟

اشراق العالم 24 متابعات ثقافية:


ما أن أعلن وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، عن تكريم اسم الفنان الراحل أحمد عدوية، حتى استقبل هذا الخبر بالحفاوة خاصة في الأوساط الشعبية، خاصة أنه سيكون أول تكريم رسمي للرجل سواء في حياته أو بعد مماته، لكن على الجانب الآخر انتقد بعض المثقفين هذا التكريم، متسائلين ماذا قدم عدوية للثقافة المصرية حتى تكرمه المؤسسة الثقافية الرسمية في مصر، معتبرين ذلك بأنه بمثابة انحدار جديد في تشكيل الذائقة الفنية للجمهور.


بالتأكيد تعود عدوية أثناء حياته على هذا الهجوم، وهذا الاتهام بالتحديد وكأنه وحده المسئول عن حالة الانحدار التي أصاب الثقافة المصرية بشكل عام، وتحمل الرجل لسنوات طويلة مسئولية تشويه الذوق العام لدى المصريين كما يرى قطاع كبير من المثقفين، وهو اتهام دائما ما يتم توجيهه إلى أي فنان ينتمي إلى الفن الشعبي، وكأن التعبير عن الناس بطريقتهم وبالشكل الذي يشبههم هو انهيار، وكأن هؤلاء لهم وصاية على ذائقة الجمهور.


لكن في الواقع لم يكن عدوية سوى ظاهرة اجتماعية، عبرت عن الناس بأقرب صورة لهم، وكان أكبر معبر عن حال حقبة مهمة، ومثال واضح لمرحلة مهمة من تاريخ مصر، خاصة بعد نكسة 1967، وهو ما رصده، أستاذ علم الاجتماع، والأمين الأسبق للمجلس الأعلي للثقافة، الدكتور سعيد المصري، في رأي واضح كتبه على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.


وفي منشور له تساءل د. سعيد المصري: “لماذا يتم تكريم أحمد عدوية؟ وهل حقق للثقافة المصرية شيئا؟، موضحا أنها أسئلة تهكمية وازدرائية أطلقها مجموعة المثقفين والإعلاميين وسوف أحاول الرد عليها بجدية ليس دفاعا عن التكريم ولكن من منطلق تحليل اجتماعي وثقافي لظاهرة عدوية.


وتابع “المصري”: “أحمد عدوية ظاهرة غنائية غيرت في نمط الأغنية الذي ظل سائدا في مصر منذ الخمسينيات وحتي بداية السبعينيات، حيث فرض لونا جديدا في الأداء الصوتي والكلمات والألحان مخالفا للنمط الذي كان سائدا وارتبط بأسماء مثل عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد ووردة وشادية، ألخ.


واختلف أيضا عما كان سائدا من الأغاني الشعبية المنمقة والمسموح بها لعبد المطلب وشفيق جلال ومحمد قنديل ومحمد رشدي، كل هؤلاء كانوا مقبولين بمعايير الإذاعة والتليفزيون في ذلك الوقت، وعندما تقدم أحمد عدوية للجنة الاستماع بالإذاعة للحصول على ترخيص بالغناء تم رفضه، ومن هنا استغل عدوية تطورا جديدا في السبعينيات وهو شرائط الكاست ليفجر قنبلة في أول مجموعة غنائية في شريط كاسيت حقق انتشارا جماهيريا كبيرا خارج الإذاعة، ومن ثم فرض هذا اللون الجديد نفسه على الإذاعة والتليفزيون بعد أن تغيرت الأحوال في مصر وفقدت الإذاعة ومعها التليفزيون احتكارهما.


وأضاف:  ومن قلب هذا التيار الجديد للأغنية خرجت أجيال أخري من المغنيين الشعبيين فرصت نفسها على كل وسائل الإعلام مثل حكيم وعبد الباسط حمودة وشعبان عبد الرحيم وأخيرا أغاني المهرجانات “وليدة عصر مواقع التواصل الاجتماعي” كل هؤلاء أحفاد أحمد عدوية جاءوا ليعبرو عن ذوق جماهيري مختلف مرتبط أكثر بالناس ومجسدا لواقعهم وهمومهم بعيدا عن نمطية الكلمات والأداء الصوتي والألحان التي تدافع عنها نقابة المهن الموسيقية دون جدوي، ومازال هذا اللون الغنائي يحقق جماهيرية كبيرة رغم أنف سلطة الرقابة الإعلامية والثقافية المركزية.


واختتم “المصري”: الآن يقوم وزير الثقافة الجديد بتكريم اسم أحمد عدوية باعتباره رمزا لإبداع موسيقي وغنائي جديد، واحسب أن هذا التكريم اعترافا بالفنون الجماهيرية التي يطرب لها الناس حتى ولو كانت فاقدة للمعايير الموسيقية السائدة، وفي هذا المعنى إتاحة لفرص أوسع في الموسيقى والغناء تصحح نفسها بنفسها إبداعيا مثل فنون أخرى قاومت سلطة أسلوب فني سائد وفرضت لونا جديدا من الفن مثلما حدث مع سيد درويش الذي طور الموسيقى العربية من داخل الأفراح في مواجهة التخت العربي القديم، ومع بيرم التونسي في شعر العامية ومن بعده فؤاد حداد وجاهين والأبنودي في مواجهة شعر الفصحي.


ومع عبد المعطي حجازي وصلاح عبد الصبور بالشعر الحر في مواجه الشعر العمودي القديم، وكما حدث أيضا مع أحمد عدوية نفسه حين غنى أغنية زحمة يا دنيا زحمة، زحمة وتاهو الحبايب، زحمة وماعدش رحمة، مولد وصاحبه غايب، بكلمات جديدة وبلحن رائع للمبدع هاني شنودة وأصبحت علامة في تاريخ الغناء ورمزا لعصر جماهيري جديد لا يعترف بالنخبوية في الموسيقى والغناء.



اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading