أناشيد الليلة السادسة.. العدم في لوحات
اشراق العالم 24 متابعات ثقافية:
وقفت إلى جوار قسم الثقافة وسألت صديقي: هل قرأت شيئا جديدًا هذه الأيام؟!
مد يده لي بكتاب دون أن ينظر إليَ وقال: “هذا ديوان يستحق القراءة”..!
أخذت معي الكتاب وشرعت في قراءته في اليوم التالي. كان ديوان صغير الحجم أغلب قصائده قصيرة موجزة تمتد كلها على مساحة رمادية حزينة تعبر عن فلسفة عدمية تناسب فواجع الأحداث التي يمر بها عالمنا هذه الأيام “.
“هذا الليل باقٍ/ كَدُخَانِ لزج في رئة الكون،/ فلا تفقدْ بقايا الضوء في عَيْنَيْكَ/ حتى تنطفى/ وأضحك بملء الجرُحِ/ كن مثلي/ غبارًا عالقا في اللحظة العشواء/ هذا الليل باقٍ/ كامن في بذرة الأشياء،/عارٍ.. كالصنم
لفت نظري أيضا خلال القراءة فكر الشاعر عمرو البطا على نحو خاص، بداية من اختياره لعنوان ” أناشيد الليلة السادسة” الذي بدا لى كما لو كان محاولة جريئة تُعيد تعريف كثير من الأفكار اللاهوتية والحسية والشعورية على نحو عدمي شديد الخصوصية تسمع في ثنايا موسيقاه صرير أسنان الشاعر ذاته..!
“يستسلم للرياح إذ تقذف رأسهُ بِقَلبِ الزوبعة/ يكتسى بالظل والأسفلت،/ يخشي أن يصير كائنا/ يلوذ بالعدم/ ها هو ذا ا المشطور كائنين يا أحبتي العميان- يمشى بينكم/ وحشًا أليفا، تالف الأنياب/ لا يهش فوق وجهه ذبابة/ يقطع للذئاب في كل صباح قطعة من لحمة/ ليتركوا ما تبقى منه من سكينة الألم/ ها هو ذا المسخ المقزز الجبين بينكم/ وليس هذا المسخ غيركم ولستم غيره/ يا آخر السلالة الشائهة الأطراف.
أعجبني أيضا في الديوان قصيدة سماها الكاتب الرائى، فيها تصور الشاعر عمرو البطا للأشياء التي يراها في أكثر صورها قتامة، يقول:
“كَانَ يرنُو إلى الشيء/ لا في تَشَيُّؤِهِ الآنَ/ بل في تَمَدّدِهِ في الزمن/
ويستطرد في نفس القصيدة موضحا طبيعة الذى يراه ” كان يُبصِرُ في الكون/ لا كون/ يُبصرُ في شَجَر الغابِ/ ذر الرماد/ ويبصر عند اللقاء الرحيل/ ويبصر في مقلتيه ترابا/ وفى منكبيه كفن”.
فى الأخير “أناشيد الليلة السادسة” ديوان بديع فى زمن عز فيه كل شيء جميل حتى الشعر. الشعر الذى لا يجد أمامه خلاصا هذه الأيام سوى إقامة الصلوات وقراءة التعاويذ واطلاق البخور للعدم، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.