الجزيرة نت

الأسلحة الكهرومغناطيسية.. تقنيات خطيرة ومذهلة تطورها أميركا والصين وروسيا | سياسة


دوّى الصوت في رأس كاثرين فاستيقظت منزعجة تتساءل عما إذا كان ما سمعته حلمًا وعقارب الساعة تُظهر منتصف الليل، وثمة أرقام مضيئة أسفل العقربين، تشير إلى أحد أيام أكتوبر/تشرين الأول 2017. أرادت كاثرين معاودة النوم؛ فلديها غدا مهام تستلزم صفاء الذهن. تعمل كاثرين ورنر في وزارة التجارة الأميركية، وكانت آنذاك تشغل منصب مسؤولة التجارة في القنصلية الأميركية في مدينة قوانغتشو الصينية. أغمضت كاثرين عينيها محاولة العودة إلى النوم، لكن نباح كلبيها علا في أرجاء المنزل؛ كأنهما يواجهان تهديدا ما، وأحست هي ضغطا قويا على الصدغين وآلاما تتصاعد في رأسها، ورافق ذلك طنين منخفض تردد في أنحاء البيت.

في البناية ذاتها، تحديدا أسفل الطابق الذي تقطنه كاثرين، يسكن زميلها مارك ليندسي، وهو ضابط أمن في وزارة الخارجية الأميركية يعمل أيضا في القنصلية الأميركية في قوانغتشو. كان مارك وزوجته في طريقهما إلى النوم حين انبعث صوت منفر يشبه دوران قطعة رخام في قمع معدني، بحسب تعبير مارك لاحقا. حاولا تتبعه، فبدا أنه يصدر من غرفة طفلهما من مكان ما أعلى سرير الطفل، وقد أحس الاثنان ألما شديدا في رأسيهما وشعور غثيان.

اقرأ أيضا

list of 2 items

list 1 of 2

أسلحة الليزر.. كيف تدمر خصمك بأقل من دولارين؟

list 2 of 2

الخطة “ميتسوبيشي”.. لماذا تسعى اليابان لبناء أقوى مقاتلة جوية في العالم؟

end of list

بعد قرابة 6 أشهر وعلى بُعد آلاف الأميال عن مدينة قوانغتشو الصينية، كان مايلز تايلور نائما في بيته الذي يقع بالقرب من حي الكابيتول هيل في العاصمة واشنطن. كان تايلور آنذاك، قد حاز ترقية شغل بموجبها منصب رئيس الأركان في وزارة الأمن الداخلي، إبان إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ومثلما جرى لكاثرين استيقظ تايلور على صوت أشبه بالنقيق يتردد في أنحاء منزله. شيء ما دفعه إلى الذهاب نحو النافذة والنظر إلى الشارع، وهناك رأى شاحنة بيضاء متوقفة، ما لبثت أن أضاءت أنوارها وانطلقت مسرعة فور أن لاحظ قائدها حركة في نافذة المنزل، وتركت وراءها تايلور في حالة إعياء، وصفها فيما بعد بأنها “تشبه التعرض لارتجاج الرأس”!

عانى هؤلاء الأمر ذاته لأكثر من ليلة؛ الطنين المسائي تكرر في منزلي مارك وكاثرين قرابة 4 ليالٍ، أما تايلور فقد شاهد الشاحنة البيضاء أمام منزله بعد مرور 5 أسابيع على الواقعة الأولى، وبمضي الوقت ظهرت عليهم أعراض أسوأ، تضمنت زيادة حدة الصداع والغثيان والدوار، إضافة إلى نزيف الأنف وفقدان جزئي للذاكرة وضعف البصر، وهي أعراض تتفق مع ما يُعرف باسم “متلازمة هافانا”.

“متلازمة هافانا” وأسلحة الطاقة الموجهة

يعود مصطلح “متلازمة هافانا” إلى إصابة مجموعة من الدبلوماسيين الأميركيين بأعراض مماثلة في كوبا عام 2016، وقد ادعى هؤلاء أنهم استهدفوا بسلاح صوتي مجهول المصدر، كما أفادوا بأنهم سمعوا صريرا مثل الضوضاء والاهتزازات المفاجئة إبان ظهور تلك الأعراض، ومنذ ذلك الحين تُعرف هذه الإصابات غير المبررة، التي عاناها عشرات المسؤولين الأميركيين، والتي تسببت في إنهاء الحياة المهنية للكثير منهم، باسم “متلازمة هافانا”، وقد أظهرت الفحوص الطبية أن تلك الأعراض ارتبطت بأضرار دماغية.

يؤكد جيمس بنفورد، الفيزيائي والخبير في مجال الموجات الدقيقة، أن أجهزة إرسال الموجات الدقيقة (ميكروويف) المحمولة يمكن أن تلحق الضرر بأنسجة الدماغ، بشكل مماثل لما رصدته تلك الفحوص. ويشير بنفورد إلى أن تلك الأجهزة تمت دراستها أكثر من 50 عاما، وجرى تطويرها على نطاق واسع في قرابة 12 دولة، منها أميركا والصين وروسيا، وهناك أنواع كثيرة منها، يتراوح حجمها بين حقيبة سفر ووحدة مقطورة، وكلما زاد حجم الجهاز زاد مدى الإرسال.

جدير بالذكر، أن طبيعة عمل مارك ليندسي تتضمن استخدام معدات سرية للغاية، وفق تعبيره، بغرض تحليل التهديدات الإلكترونية التي تتعرض لها البعثات الدبلوماسية الأميركية؛ مما يعني أن لديه خبرة ما في هذا الصدد، وقد صرّح بأن ما أصابه كان هجوما مباشرا بأحد أسلحة طاقة الترددات الراديوية في نطاق الموجات الدقيقة العالية الطاقة.

وكان البيان الصادر عن وكالة الأمن القومي الأميركية عام 2014، قد أشار إلى أن التعرض لأنظمة أسلحة الموجات الدقيقة العالية الطاقة يسبب شعورا بالوهن، وقد يؤدي إلى الموت بعد فترة من التعرض، ووفقا لتقارير، أُصيب هؤلاء المسؤولون بهجوم بأحد أسلحة الطاقة الموجهة (Directed Energy Weapons DEWs)، التي تشمل أشعة الليزر العالي الطاقة، وأشعة الموجات المليمترية، وأشعة الموجات الدقيقة (ميكروويف) العالية الطاقة، إضافة إلى الأشعة الصوتية. وتعدّ هذه الأسلحة من أنواع “الأسلحة الكهرومغناطيسية” (Electromagnetic Weapons)، التي تتضمن: أسلحة النبض الكهرومغناطيسي (Electromagnetic Pulse) والقاذفات الكهرومغناطيسية (Electromagnetic launchers)، إلى جانب أسلحة الطاقة الموجهة، المذكورة سالفا.

 

 

يُذكر أن مؤسسة أبحاث فيجن جين البريطانية (Visiongain)، نشرت تقريرا في فبراير/شباط الماضي بعنوان “سوق أسلحة الطاقة الموجهة” (Directed Energy Weapons: DEW)، أوضحت خلاله أن مبيعات هذا السوق بلغت 6.4 مليارات دولار أميركي عام 2023، كما أورد التقرير، أن معدل النمو السنوي المتوقع لهذا السوق سوف يبلغ 19.5% فيما بين عامي 2024 و2034. وأشار التقرير إلى أن الحاجة إلى حلول دفاعية فعالة “منخفضة التكلفة”، تدفع الأنظمة العسكرية في أنحاء العالم إلى اعتماد “أسلحة الطاقة الموجهة”، عوضا عن الأسلحة الحركية التقليدية وأنظمة الدفاع الصاروخي التي تمثل تكلفة مرتفعة على مستويات الشراء والتشغيل والصيانة؛ مما يجعلها غير مستدامة اقتصاديًّا بالنسبة للعديد من ميزانيات الدفاع.

 

الفرق بين الأسلحة التقليدية والأسلحة الكهرومغناطيسية

تستهدف القاذفات الكهرومغناطيسيةمعدّات العدو بشكل رئيسي والأفراد بدرجة أقل، إذ إنها تستخدم الطاقة الكهرومغناطيسية في توليد طاقة حركية، ثم تستعملها في إرسال المقذوف نحو الهدف، بمعنى أنها تشبه الأسلحة التقليدية إلى حد بعيد، والاختلاف الوحيد بينهما هو أن الأخيرة تعتمد على الطاقة الكيميائية لتوليد الطاقة الحركية، مثل استخدام البارود في دفع الرصاص من البندقية، في حين تستخدم الأسلحة الكهرومغناطيسية مجالا كهرومغناطيسيا لتوليد الطاقة الحركية التي تدفع المقذوف نحو الهدف.

على جانب آخر فإن آلية عمل أسلحة النبض الكهرومغناطيسي وأسلحة الطاقة المباشرة تتضمن التداخل مع البنية التحتية الإلكترونية للهدف، حيث تقوم بالتشويش على خطوط الهاتف وكابلات الطاقة والاتصالات اللاسلكية، أي أنها تستهدف معدّات العدو فقط. ومع ذلك، فإن بعض هذه الأسلحة يمكن أن يؤثر سلبًا في الجلد والأعضاء الداخلية للإنسان، ولفهم ذلك يجدر بنا إلقاء نظرة على مفهوم الطيف الكهرومغناطيسي وعلى تكوينه.

يمثل الطيف الكهرومغناطيسي الأشعة الموجودة في الكون، ويتكوّن من 7 أنواع من الموجات، إحداها هي موجات الطيف المرئي أما البقية فلا تستطيع العين المجردة رؤيتها. وتختلف هذه الموجات من حيث التردد والطول الموجي. الأنواع التي تتميز بتردد عالٍ مثل أشعة جاما والأشعة فوق البنفسجية تعد ضارة بالإنسان، حيث تعمل على إحداث تغيير في الحمض النووي؛ مما يسبب أمراضا مثل السرطان وابيضاض الدم، ولولا وجود الغلاف الجوي الذي يعمل على امتصاص تلك الأشعة الضارة وتشتيتها لانعدمت الحياة على الأرض.

تنشأ الطاقة الكهرومغناطيسية من مصادر طبيعية مثل الشمس، أو صناعية من خلال إحداث تغير في المجال المغناطيسي أو الكهربائي (أي من خلال حدوث اهتزاز في أي من المجالين)، نظرا إلى أن تغير أحدهما يُحدث تغيرا في الآخر فهما مترابطان. الموجات الكهرومغناطيسية تنتقل بسرعة الضوء، ولا تحتاج إلى وسط للانتشار، أي أن في إمكانها الانتقال عبر الهواء والمواد الصلبة وكذلك فراغ الفضاء، على عكس الموجات الحركية والصوتية التي تحتاج إلى وسط للانتقال خلاله.

 

تضميد الكبرياء وبراغماتية الحرب

ارتبط تاريخ تطوير هذه الأسلحة ومفهوم “السلاح غير المميت”، وقد نشأ هذا المفهوم خلال حقبة الستينيات في القرن الماضي، وكان الغرض من تطوير هذه الأسلحة هو استخدامها في مهام حفظ الأمن للسيطرة على الحشود ومكافحة أعمال الشغب، حيث عُرفت تلك الحقبة في الولايات المتحدة بـ”حقبة الاحتجاجات”، نظرا إلى انتشار التظاهرات المناهضة لحرب فيتنام وغيرها من النزاعات العسكرية والسياسية التي شهدتها تلك الفترة؛ مما يعني أن العمل على تطوير هذه النوعية من الأسلحة كان لأغراض حفظ الأمن وللمهام الشرطية بالأساس.

ومع ذلك، جرت مناقشات في الأوساط العسكرية وأوساط أبحاث السلام خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي حول مفهوم “الحرب بدون موت”، ففي عام 1970 كتب جوزيف كوتس، أحد العاملين في معهد التحليلات الدفاعية الأميركي في واشنطن، ورقة بحثية بعنوان “القتال غير القاتل وغير المدمر في حروب المدن”، اقترح خلالها دورا أوسع للأسلحة غير الفتاكة وغير المدمرة في الحروب المنخفضة الحدة، إذ توقع أن نزاعات أميركا المستقبلية سوف تجري بالأساس في مناطق حضرية تتميز بالاختلاط بين المعتدين والمدنيين، على غرار فيتنام؛ مما يستدعي الحاجة إلى هذه النوعية من الأسلحة.

وفي عام 1978، أشارت دراسة صادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام إلى ثلاثة مجالات رئيسية في علم الفيزياء “وهي: الكهرباء والصوتيات والإشعاع الكهرومغناطيسي”، بوصفها مجالات قادرة على تطوير تطبيقات عسكرية غير قاتلة، باعتبار أن تسبُّب هذه الأسلحة في حالات مرضية أو في وفيات لاحقًا، يُعدّ أمرا رحيما مقارنة بالأسلحة التقليدية التي تُسبِّب وفيات مباشرة.

سبق ذلك إجراء إحدى التجارب النووية الأميركية على ارتفاع 250 ميلا فوق جزيرة جونستون شمال المحيط الهادئ عام 1962، وقد أنتجت هذه التجربة -بصورة عرضية- نبضا كهرومغناطيسيا بلغ جزر هاواي على بعد 800 ميل شرق التفجير، الذي تم باستخدام سلاح نووي بقوة 1.4 ميغا طن.

أحدث التفجير رشقات من أشعة جاما اصطدمت بأكسجين ونتروجين الغلاف الجوي؛ مما أدى إلى تأيّن جزيئات الهواء إلى أيونات موجبة وإلى إلكترونات ارتدادية تسمى إلكترونات كومبتون، ومن ثم إطلاق تسونامي كهرومغناطيسي انتشر مئات الأميال، أعقبه انطفاء أضواء الشوارع وانقطاع الخدمات الهاتفية في الجُزر، وكذلك تعطل الملاحة اللاسلكية مدة 18 ساعة فيما بين الجُزر وأستراليا. وتعد الانفجارات النووية أحد مصادر النبضات الكهرومغناطيسية وتُعرف بـ”النبض الكهرومغناطيسي النووي”، ويمكن أن تتولد النبضة الكهرومغناطيسية من مصادر طبيعية.

ومع ذلك، انصب اهتمام الأنظمة العسكرية على تطوير الأسلحة النووية خلال حقبة الثمانينيات، بسبب مواجهات الحرب الباردة التي كانت قائمة بين دول حلف شمال الأطلسي ودول حلف وارسو. ويشير ستيفن سكوفيلد، أستاذ كلية الرياضيات والعلوم الفيزيائية في مركز لندن لتقنية النانو، ونيك لوير، أستاذ كلية الشؤون الحكومية والدولية بجامعة دورهام البريطانية، إلى أن العديد من التقنيات التي شكّلت أساسا لترسانة الأسلحة غير الفتاكة تم تحديدها بالفعل في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، لكنها لم تعطَ أولوية حقيقية في سياق التخطيط العسكري للحرب الباردة، على أن هذه الأبحاث العسكرية وفرت في وقت لاحق، الأساس الذي انطلقت منه هذه الأسلحة.

يؤكد ذلك تقرير مؤتمر المعهد الوطني للعدالة التابع لوزارة العدل الأميركية الذي أقيم عام 1986، حيث يشير التقرير إلى أن “الجيش الأميركي أجرى أبحاثا واختبارات ذات صلة بتطوير أسلحة أقل فتكا، لكن الكثير من هذا العمل كان سريا”. كما حظيت أسلحة الطاقة الموجهة باهتمام خاص في إطار مبادرة الدفاع الإستراتيجي الأميركية عام 1983، وهي المبادرة التي سعت إلى إيجاد طرق مختلفة للدفاع ضد الصواريخ البالستية خلال حقبة الثمانينيات عبر تطوير أسلحة الليزر العالية الطاقة.

وفي عام 1989، نشر جون ألكسندر، مدير برنامج مجموعة التقنيات الخاصة في مختبر لوس ألاموس الوطني في الولايات المتحدة، مقالا في مجلة “المراجعة العسكرية” (Military review)، اقترح خلاله تطوير تقنيات جديدة مثل الليزر والموجات الدقيقة العالية الطاقة والضوء العالي الكثافة لتعطيل المعدات العسكرية. وعلى عكس ما جرى في المناقشات السابقة التي ركّزت على تلك الأسلحة بوصفها أقل ضررا على البشر، استهدف اقتراح ألكسندر استخدام تلك الأسلحة لمضاعفة قوة فتك الأسلحة الموجودة في ترسانة الجيش الأميركي، ومن ثم لزيادة “نسبة القتل”.

الاتحاد السوفياتي “السابق” شارك الولايات المتحدة الاهتمام ذاته، خصوصا خلال فترة الحرب الباردة التي اتسمت بالصراع بين القطبين، على أن روسيا عرفت تطبيقات عملية للأسلحة الإلكترونية في وقت مبكر من القرن الماضي، ففي 15 أبريل/نيسان عام 1904، قامت السفينة الحربية الروسية بوبيدا باستهداف الاتصالات اللاسلكية اليابانية أثناء القصف الياباني للأسطول الروسي في بورت آرثر؛ مما منع أكثر من 60 قذيفة يابانية من إصابة أهداف روسية. ويعد هذا التاريخ إلى الآن، يوما للاحتفال بمختصِّي الحرب الإلكترونية في الجيش الروسي.

وبحسب توم بيردن، الخبير العسكري الأميركي المختص في الهندسة النووية، فإن أهم خطوة في سياق التسليح الكهرومغناطيسي السوفياتي أتت في أعقاب استخدام أميركا القنبلة الذرية في اليابان، إذ أدى ذلك إلى شعور السوفيت بالإحباط نظرا إلى أن الغرب سبقهم إلى امتلاك سلاح نووي؛ مما دفع الروس إلى السعي وراء مجال تقني جديد بغرض تطوير “سلاح خارق”، ويعني ذلك أن أحد الدوافع وراء دخول روسيا هذا المضمار، كان الرغبة في تضميد الكبرياء الروسي والحصول على أداة تفوق، بعيدا عن الرؤية الغربية التي أرادت تطوير سلاح “غير فتّاك” من خلال التقنيات الكهرومغناطيسية.

يؤكد بيردن أن الروس وضعوا أقدامهم على أول الطريق بفضل فريق الرادار العلمي الألماني، الذي تم نقله إلى موسكو بعد الحرب، وأن الاتحاد السوفياتي طوّر خلال خمسينيات القرن الماضي، آلات كهرومغناطيسية يمكنها التأثير في الجهاز العصبي وإحداث حالة من الجمود في الأشخاص، كما يشير بيردن إلى أن المخابرات السوفياتية سيطرت على تطوير برنامج الطاقة، الذي كان مخصصا لأبحاث وتطوير “سلاح خارق” متقدم وأكثر فعالية من القنبلة الذرية، وأن التكتم أحاط تفاصيل ذلك البرنامج بحيث لم توضع قطّ في أيدي القوات المسلحة الروسية النظامية.

ويذهب بيردن إلى مدى أبعد في تضخيم قدرات الروس، حيث يربط بين حادثة غرق الغواصة النووية الأميركية ثريشر (U.S.S Thresher) ومقتل أفراد طاقهما في أبريل/نيسان 1963، وبين استخدام الروس لأشعة نبضة كهرومغناطيسية تداخلت ودوائر التحكم في الغواصة؛ مما أدى إلى التشويش عليها، ومن ثم فقدان السيطرة وهبوط الغواصة إلى عمق سحيق وهو ما نتج عنه انفجارها. ويشير بيردن إلى أن التداخل الكهرومغناطيسي كان قويا للغاية، بحيث تطلّب الأمر أكثر من 90 دقيقة لإرسال رسالة طوارئ إلى القيادة من السفينة سكايلارك (Skylark) التي رافقت الغواصة.

نظريات بيردن لم يتم قبولها على نطاق واسع من قبل المجتمع العلمي، وظلت مجرد تخمينات تفتقد إلى الدلائل، ورغم ذلك يُذكر أن الأطباء الأميركيين، الذين حصلوا على أحد تلك الأجهزة (التي ذكرها بيردن) في ثمانينيات القرن الماضي، أفادوا بأن الجهاز الذي حمل اسم ليدا (Lida)، يولِّد إشعاعات منخفضة التردد تقوم بتهدئة الأشخاص الخاضعين للتجارب. وقد علّق أحد الأطباء المشاركين على ذلك بقوله: “يبدو الجهاز بديلا جيدا لتناول الفاليوم عندما تريد الاسترخاء”.

تجدر الإشارة إلى أن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية، صنّفت إشعاعات التردد الراديوية عام 2011 مادّةً مسرطنة؛ لذلك فإن رأي هذا الطبيب الأميركي، وكذلك الدوافع الغربية وراء تطوير هذه الأسلحة باعتبارها أسلحة غير فتاكة، تكوّنت غالبا بسبب قصور الدراسات في مجال الأشعة الكهرومغناطيسية آنذاك، وانعدام الدراية بتأثيراتها الطويلة الأمد.

 

الرفض النشط ونظام “ثور”

لم يثمر سباق التسلح الكهرومغناطيسي الكثيرَ في القرن الماضي، نظرا إلى أن أغلب التقنيات المطروحة كانت مجرد نظريات أو أسلحة قيد التطوير، ولم يؤخذ منها في الاعتبار للاستخدامات العملية، إلا قنابل النبضات الكهرومغناطيسية العالية الطاقة والأنظمة المعتمدة على الموجات المليمترية المعروفة باسم “أنظمة الرفض النشط” (Active Denial Systems ADS).

وتعدّ أسلحة الموجات المليمترية من أبرز أمثلة أسلحة الطاقة الموجهة، مثل أشعة الليزر العالية الطاقة وأسلحة الموجات الدقيقة (الميكروويف العالي الطاقة). ويعمل كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة في منطقة طيف كهرومغناطيسي مختلفة عن منطقة عمل النوع الآخر، ونظرا إلى ذلك، يتميز كل نوع بخصائص مختلفة نظرا إلى اختلاف أطوالها الموجية وتردداتها، على سبيل المثال، يؤثر الطول الموجي فيما يمكن أن تخترقه الطاقة الموجهة، مثل المعدن أو جلد الإنسان.

في الصورة تتضح منطقة عمل موجات الليزر العالية الطاقة التي تعمل فيما بين المنطقة المرئية ومنطقة الأشعة تحت الحمراء، وكذلك الموجات المليمترية والميكروويف العالي الطاقة، اللذان يعملان في منطقة ما بين الموجات الدقيقة والموجات الراديوية.

أشعة الليزر العالية الطاقة تنتج شعاعًا ضوئيًّا ضيقًا، عادةً ما يكون بين منطقة الأشعة تحت الحمراء والمنطقة المرئية، ويتم استخدامه على هدف واحد في كل مرة. يمكن أن يكون الشعاع نابضًا “متقطعا” أو مستمرًّا، ويولد طاقة قادرة على صهر الفولاذ. أما أسلحة الموجات المليمترية فإنها تتمتع بحجم شعاع أكبر من أسلحة الليزر العالية الطاقة؛ مما يعني أن بإمكانها التأثير في أهداف متعددة في آن واحد.

من تطبيقات الموجات المليمترية نظام الرفض النشط من تطوير شركة رايثيون الأميركية، وهذا النظام موجات مليمترية بتردد 95 غيغا هرتز، تتفاعل مع جزيئات الماء والدهون في جلد الشخص “حتى عمق 0.4 مليمتر في الجلد”، لإحداث إحساس بالحرارة يبلغ نحو 53 درجة مئوية، بغرض دفع القوات المعادية بعيدا عن منطقة ما أو للسيطرة على حالات الشغب.

أما عن أسلحة الموجات الدقيقة (microwaves)، فإنها تنتج قدرا كبيرا من الطاقة؛ مما يجعلها مؤهلة لإحداث ضرر دائم في الهدف، ونظرا إلى أنها تتميز بحجم شعاع كبير مثل أسلحة الموجات المليمترية، فإنها تستطيع التأثير في أهداف متعددة في وقت واحد.

في هذا السياق تشير التقارير إلى إعداد وزارة الدفاع الأميركية تدابير مضادة جديدة للحد من تهديدات الطائرات المسيّرة، حيث يرى المراقبون أن هذه الأساطيل المنخفضة التكلفة أصبحت تؤدي أدوارا بارزة في الصراعات، ويعتقد البنتاغون أن لديه في هذا الصدد سلاحا واعدا يعتمد على الموجات الدقيقة العالية الطاقة، وفق ما أشارت إليه مجلة العلوم الأميركية.

هذا ويخطط البنتاغون لإجراء عرض عسكري مضاد للطائرات المسيّرة في شهر يونيو/حزيران المُقبل، وسوف يقوم خلاله بتقييم 6 تقنيات جديدة، بينها تقنيات تستند إلى أنظمة الموجات الدقيقة، في مواجهة سرب من 50 طائرة من الطائرات المسيّرة.

يُذكر أن مختبر أبحاث القوات الجوية الأميركية أعلن في وقتٍ سابق خلال عام 2021، نجاحه في تطوير نموذج أولي لنظام كهرومغناطيسي مضاد للطائرات المسيّرة، وقد حمل هذا النظام اسم “ثور” (Tactical High Power Operational Responder THOR)، وهو سلاح موجات دقيقة عالية الطاقة، يمكن وضعه كله في حاوية بطول 6 أمتار، كما يمكن نقله جوا في طائرة نقل عسكرية متوسطة الحجم، ويستغرق إعداد النظام كله بواسطة شخصين ثلاث ساعات فقط، ويمتلك النظام واجهة مستخدم تقلل من الحاجة إلى التدريب.

 

في السياق ذاته كشف وزير مشتريات الدفاع في الحكومة البريطانية جيمس كارتليدج، عن تصميمات مدمرة بحرية من طراز 83 يُفترض أن تمثّل جزءا من منظومة الهيمنة الجوية المستقبلية في البحرية الملكية. وقال كارتليدج “إن نظام السيطرة الجوية المستقبلي سوف يستخدم مجموعة متنوعة من التقنيات المتطورة، بما في ذلك قدرات الكشف الرادارية المتطورة وأسلحة الطاقة الموجهة”.

وزير المشتريات البريطاني لم يذكر نوعية سلاح الليزر الذي سوف يتم إلحاقه بهذه السفينة الحربية، إلا أن بريطانيا اختبرت بنجاح في وقت سابق، نظام سلاح الطاقة الموجه بالليزر “دارجون فاير” (Dragonfire) وهو أحد أسلحة الطاقة الموجهة التي تتميز بالدقة وسرعة الاستجابة واحتمال إصابتها العالية للصواريخ السريعة الحركة والصواريخ الفرط صوتية، وقد أوضح بيان وزارة الدفاع البريطانية أن شعاع “دراجون فاير” يمكنه أن يخترق المعدن؛ مما يؤدي إلى فشل هيكلي في معدات العدو.

التهديد الذي تشكّله الصواريخ الفرط صوتية أصبح متزايدا، بسبب مسارات الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تقوم روسيا بتجهيز سفنها الحربية وغواصاتها التي تعمل بالطاقة النووية بصواريخها المتطورة من طراز “زيركون” الفرط صوتي؛ مما دفع الدول الغربية إلى اعتماد أسلحة الطاقة الموجهة باعتبارها دفاعات ناعمة ضد تهديدات الصواريخ الباليستية. هذا وقد أصبح الدفاع الجوي القائم على الليزر -وهو أحد أسلحة الطاقة الموجهة- محطّ تركيز الجيوش المتقدمة خاصة على متن السفن الحربية.

من جانبه كشف الجيش الروسي عن إدخاله أسلحة طاقة موجهة حديثة مؤخرا إلى ترسانته، بغرض التصدي لتهديدات الطائرات المسيّرة في ساحة الحرب الأوكرانية، حيث أوضح يوري بوريسوف نائب رئيس الوزراء، أن روسيا نشرت أسلحة ليزر حديثة لمواجهة الطائرات المسيّرة التي قدمتها القوى الغربية لأوكرانيا، ومن ضمن هذه الأسلحة: نظام الصواريخ الباليستية العابر للقارات “زاديرا” الذي يتضمن عنصر ليزر عالي الطاقة يسمى بيريسيفت.

بوريسوف أوضح أن النظام تم نشره على نطاق واسع، وأن في إمكانه أيضًا تعتيم الأقمار الصناعية على ارتفاع يصل إلى 1500 كيلومتر فوق الأرض، كما ادّعى بوريسوف في وقت سابق خلال عام 2022، أن “زاديرا” أسقط بالفعل طائرة أوكرانية بدون طيار في غضون خمس ثوان، وقد بلغت المسافة التي تفصل الطائرة عن النظام 5 كيلومترات.

 

 

 

هذا وقد أعلن باحثون صينيون مؤخرا، نجاحهم في تطوير أول مدفع كهرومغناطيسي يمكنه إطلاق عدد كبير من المقذوفات من دون تعرضه لأضرار. وكما ذكرنا، فإن المدافع الكهرومغناطيسية تشبه المدافع التقليدية إلى حد بعيد، باستثناء أن الأولى تعتمد على المجال الكهرومغناطيسي لتوليد طاقة حركية تدفع المقذوف، بدلا من الاعتماد على التفجير الكيميائي.

وكان الجيش الأميركي قد أعلن في وقت سابق من عام 2021، تخليه عن برنامجه المتعلق بتطوير مدفع كهرومغناطيسي بعد إنفاقه أكثر من 500 مليون دولار. وقد تمثلت الأسباب المعلنة في وجود تحديات هندسية عدة، مثل تعرض برميل المدفع للتآكل بعد بضع طلقات فقط، فضلًا عن الرغبة في تحويل الموارد إلى برامج الصواريخ الفرط صوتية.

التقارير تشير إلى وجود أسباب أخرى وراء التخلي عن البرنامج الأميركي، تتمثل في عدم التطابق بين الدور المتصوّر للمدفع وأولويات البحرية المتغيرة، حيث كان التصور الرئيسي هو إلحاق المدفع بالمدمرة زوموالت (Zumwalt)، إلا أن هذا البرنامج لم يكتمل بسبب مشكلات التكلفة الخاصة به.

اختبارات المدفع الصيني الأخيرة، شهدت تسارع مقذوف يبلغ وزنه 124 كيلوغراما إلى سرعة أولية بلغت 700 كيلومترا في الساعة (194 مترا في الثانية). ولوضع هذا في الاعتبار، تجدر الإشارة إلى أن المشروع الأميركي الذي تم إنهاؤه تمكّن من إطلاق مقذوف يبلغ وزنه 18 كيلوغرامًا فقط؛ مما يعني أن استخدام مقذوف أخف وزنا في المدفع الصيني، سوف يدفع السرعة إلى تجاوز سرعة الصوت (340 مترا في الثانية) بسهولة.

أما وكالة الاستحواذ والتكنولوجيا التابعة لوزارة الدفاع الذاتي اليابانية، فقد أعلنت أيضا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نجاحها في اختبار مدفع كهرومغناطيسي، بالتعاون مع قوة الدفاع الذاتي البحرية اليابانية. في السياق ذاته كشفت وكالة المشتريات الدفاعية الفرنسية، عن مشروعها الخاص بتطوير مدفع كهرومغناطيسي في يوليو/تموز الماضي. وأشارت الوكالة إلى أن تطوير هذا المدفع المصمم لتسليح السفن، تم من قبل معهد الأبحاث الفرنسي الألماني في سان لوي بتمويل من وكالة الابتكار الدفاعي.

إيمانويل شيفا، الرئيس التنفيذي للمديرية العامة للتسليح التابعة لوزارة الدفاع الفرنسية، سلط الضوء على هذا المشروع، موضحا أن المدفع يعمل عن طريق إرسال قذيفة بين قضيبين مع فرق جهد كهربائي كبير، وأشار إلى أن المقذوف يمكن أن يغطي مسافة تصل إلى 600 كيلومتر، كما ذكر أنه خلال أحد العروض التجريبية، تمكّن قرص مطاطي صغير أُطلق من المدفع بقوة تعادل 100 ألف ضعف للجاذبية، من اختراق دروع سميكة.

ويتألف المدفع الكهرومغناطيسي من قضيبين متوازيين ومحرك، وكلاهما موصّل للتيار الكهربائي، إضافة إلى مقذوف غير موصّل للتيار. يتم توليد التيار على شكل نبضات بواسطة مصدر طاقة نبضي لإثارة القضبان، ويتدفق التيار الكهربائي عبر القضبان ثم يولد مجالًا كهرومغناطيسيا على المحرك بسبب قوة “لورنتز”، مما يؤدي إلى تسريع المحرك والمقذوف معا.

الأسلحة الكهرومغناطيسية: البعد الإستراتيجي

من الممكن التكهن بأن امتلاك أسلحة كهرومغناطيسية متطورة واسعة المدى سيؤدي إلى تغيير جذري في الصراعات المستقبلية، نظرا إلى أن هذه الأسلحة تجرّد الخصم من مزاياه التقنية، وتمحو عقودا من الاستثمار المالي والعقلي الذي قامت به المعامل البحثية في جيوش الدول العظمى. في هذا الصدد يرى العاملون في معهد أبحاث البحرية الصينية، أن الأسلحة الكهرومغناطيسية سوف تمكّن جيشا بإمكانيات أقل من هزيمة جيش آخر متفوق، من خلال مهاجمة أنظمة الاتصالات والمراقبة وسفن القيادة، وسوف تكون هذه أهدافا ذات أولوية في الحروب المستقبلية.

يؤكد ذلك موقع “الفضاء العسكري” (military aerospace)، حيث يشير إلى أن الأسلحة الكهرومغناطيسية العالية الطاقة سوف تتمكّن من تعطيل مجموعة قتالية من حاملات الطائرات في ثوانٍ معدودة، إضافة إلى تدمير الأجهزة الإلكترونية للطائرات قبل أن تبادر تلك بإطلاق أسلحتها، وكذلك تدمير الاتصالات الحيوية وأجهزة المراقبة والقيادة وإلغاء السيطرة على المركبات الفضائية من دون سابق إنذار؛ مما يؤدي إلى ترك القوات البرية عمياء وبعضها معزول عن بعض، في حين سوف يحتفظ العدو بقدراته العسكرية المتطورة، وفي هذه الحالة فإن الحرب، سوف تكون أشبه بمواجهة بين جيش بدائي من العصور الوسطى وآخر متفوق يمتلك أحدث التقنيات العسكرية.

أضف إلى ذلك أن هذه الأسلحة توفر عنصر المباغتة، نظرا إلى انتقالها بسرعة الضوء؛ مما يمنحها زمن طيران يقترب من الصفر، وهو ما يتيح ردًّا أسرع وتوافر وقت أطول لاتخاذ القرار من قبل المُستخدم، كما توفر هذه الأسلحة درجة كبيرة من السرية أثناء عملها؛ لأن الإشعاعات فوق وتحت نطاق الطيف المرئي غير ملحوظة ولا تولد صوتا مما يجعل تتبع مصدر الهجوم أمرا في غاية الصعوبة.

من المزايا الهامة أيضا لهذه الأسلحة، انخفاضُ تكلفة الاشتباك على المستويين البشري والمادي، على سبيل المثال، تُكلّف طلقة الليزر من نظام “دراجون فاير” البريطاني قرابة 13 دولارا، مما يعني أن النظام اقتصادي للغاية إذا ما قارناه بتكلفة تشغيل أي نظام اعتراض جوي آخر، مثل صواريخ كروز التي تطلقها القوات الأميركية قبالة اليمن، وتبلغ تكلفتها ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف تكلفة الطائرات المسيّرة التي تهدف إلى تدميرها.

ميزة انخفاض تكلفة التشغيل لا تقتصر فقط على المعركة، بل تنعكس كذلك على تكلفة التدريب مقارنة بالأسلحة التقليدية، نظرا إلى أن الطلقات التدريبية للأخيرة تمثل عبأ ماديا، كما في حالات التدريب على صاروخ متطور، ويمثل ذلك ميزة على مستوى تكلفة الاشتباك الواحد؛ مما يجعل الهجوم على الأهداف الصغيرة في حالات التهديد غير المتماثل أقل تكلفة.

في هذا السياق، توقعت إحدى الدراسات الصادرة عن جامعة جيمس ماديسون الأميركية، أن الولايات المتحدة سوف تواجه في النزاعات المستقبلية خصومًا يستخدمون أسلحة النبضات الكهرومغناطيسية ضمن التكتيكات غير المتماثلة لتعطيل أنظمة المعلومات، كما يؤكد أحد التقارير الصادرة عن كلية القيادة والأركان الجوية في قاعدة ماكسويل الجوية بالولايات المتحدة أن تطوير أسلحة الطاقة الموجهة صار قابلا للتطبيق، وأن هذه الأسلحة سوف تنتشر في بيئة العمليات في السنوات الخمس أو العشر القادمة، حيث إن تقنيات توليد الترددات العالية الكثافة وصلت إلى النقطة التي أصبحت فيها الأجهزة العملية ممكنة من الناحية التقنية.

التقرير يؤيد استثمار الجيش الأميركي في تطوير هذه النوعية من الأسلحة، نظرا إلى أنها تحفظ الميزة التنافسية للولايات المتحدة، كما أن هذه الأسلحة غير الحركية توفر للسياسيين والقادة العسكريين خيارات رد متنوعة تختلف عن تلك التي توفرها الأسلحة التقليدية، حيث إن تأثيراتها في معدّات العدو تتراوح بين التعطيل والتلف الدائم، اعتمادًا على عوامل عدة، مثل المسافة التي تفصلها عن الهدف، والوقت الذي تستغرقه وهي مسلطة على الهدف، وكذلك الجزء من الهدف الذي يركز عليه السلاح الموجه، حيث يمكن تسليطه على جهاز الاستشعار الخاص بالهدف بغرض تعطيله، أو التركيز على خزان الوقود أو البطارية بغرض التدمير.

هذه المجموعة من التأثيرات يمكن الاستفادة منها في إنذار الهدف وتحذيره بشكل متدرج، ويمكن أن يبدأ الإنذار المتدرج بمنع استخدام أصول العدو داخل منطقة ما بشكل مؤقت، ثم يتصاعد إلى تدمير الأصل إذا لزم الأمر، كما يمكن استخدامها جنبًا إلى جنب مع الأسلحة التقليدية لزيادة فعالية النظام القتالي بشكل عام، بغرض تعطيل المعدات الإلكترونية قبل الاشتباك بسلاح حركي، كما اقترح سابقا جون ألكسندر، مدير برنامج التقنيات الخاصة في مختبر لوس ألاموس.

 

_________________

الهوامش:

التردد: تردد الموجة هو عدد الدورات الكاملة خلال ثانية واحدة ويقاس بالهرتز.

الطول الموجي: هو المسافة اللازمة لتكمل الموجة دورة كاملة واحدة. أو هو المسافة بين اثنتين من القمم المتعاقبة أو القيعان المتعاقبة للموجة.

قوة لورنتس: القوة المؤثرة في جُسيم مشحون يتحرك بسرعة (V) خلال مجال كهربائي (E) ومجال مغناطيسي (B)، لتعتبر بذلك مزيجًا من القوى المغناطيسية والكهربائية. سُميت بهذا الاسم نسبة إلى العالم الهولندي هندريك لورنتز الذي اكتشفها عام 1895. ويعبر عنها بالمعادلة F = qE + qv × B



اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading