إيكونوميست: هل حقا بريطانيا على شفا حرب أهلية؟ | سياسة

شنت مجلة إيكونوميست هجوما عنيفا على من سمتهم “البلطجية” من أنصار أقصى اليمين الذين أثاروا أعمال شغب عنصرية احتجاجا على مقتل 3 فتيات صغيرات في بلدة ساوثبورت القريبة من مدينة ليفربول، على يد قاصر مهاجر من رواندا قيل زورا إنه مسلم.

وقالت المجلة في افتتاحيتها إن كلمة “مثير للاشمئزاز” قوية، إلا أنها لا تكفي لوصف سلوك البلطجية في شوارع بريطانيا منذ تلك الحادثة التي وقعت يوم 29 يوليو/تموز.

وأضافت أن الاحتجاجات المناهضة للهجرة، التي عمت مختلف أنحاء إنجلترا وإيرلندا الشمالية، لا يمكن تبريرها، حيث تعرضت المساجد وقوات الشرطة للهجوم.

الأسوأ منذ عقود

وذكرت أن أعمال الشغب العنصرية، التي شهدتها البلدات والمدن المختلفة هي من بين الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية، ولا تتناسب مع صورة بريطانيا المستقرة التي تسعى حكومة حزب العمال الجديدة إلى إرسائها.

وانتقدت المجلة الملياردير الأميركي إيلون ماسك بسبب تصريحه في منصة إكس (تويتر سابقا) التي يملكها، محذرا من أن “الحرب الأهلية أمر لا مفر منها” في بريطانيا، ووصفت التحذير بأنه “كذب بواح”.

وأوضحت أن أحد الأسباب وراء تحول أقصى اليمين من قوة سياسية منظمة إلى شيء بلا ملامح، هو أن بريطانيا أصبحت دولة أكثر ليبرالية.

وعلى الرغم من اندلاع مظاهرات مضادة دعما للمهاجرين، إلا أن إيكونوميست ترى أن الاشتباكات قد لا تنتهي، حتى لو لم تكن بريطانيا على شفا حرب أهلية، معتبرة أعمال الشغب لا تعدو أن تكون مجرد نوبة عابرة من العنف الصيفي.

واعتبرت أن الانتخابات التشريعية الأخيرة كانت بمثابة هزيمة ساحقة لحكومة حزب المحافظين التي شنت حملة لقمع الهجرة غير النظامية.

جرح لا يندمل

وقالت إن الهجرة أصبحت “جرح السياسة البريطانية الذي لا يندمل، بسبب مزيج من المشاكل الحقيقية والانتهازية السياسية”.

واعتبرت أن نظام الهجرة في حالة من الفوضى، وأن أقصى اليمين في السياسة البريطانية هو الستار الذي يخفي وراءه مظاهر العداء للمهاجرين.

وحذرت أنه ليس من الحكمة الاعتقاد أن أعمال الشغب ستُنسى بمجرد أن تهدأ، ذلك لأنها العنف قد يفضي إلى تسريع وتيرة التطرف والتطرف المضاد على الإنترنت، مما قد يفاقم مشاكل اليمين المتطرف في بريطانيا.

وهذا يعني -بحسب المجلة- أن على الحكومة الجمع بين العدالة الحازمة والسياسة المتروية؛ أي بمعاقبة منتهكي القانون مع إبعاد الأشخاص المنفتحين على الحياة الديمقراطية عن الجماعات التي تتبنى أفكارا متطرفة، حرصا على عدم استغراقهم في التحيز ضد المهاجرين، ومعالجة الإحساس بالظلم الذي يتغذى عليه الشعبويون.

محاكمات سريعة

ورأت المجلة أن المحاكمات السريعة وإصدار الأحكام هي أفضل وسيلة للحيلولة دون استمرار العنف، وتشير إلى أنه نظرا للدور الذي تلعبه شبكات الإنترنت في تنظيم الاحتجاجات وإثارة الكراهية، فإن ملاحقة الأشخاص الذين يدعون إلى العنف من خلال لوحات المفاتيح الخاصة بهم أمر بالغ الأهمية.

ونصحت إيكونوميست الشرطة البريطانية بأن تكون أكثر مرونة وسرعة في استجابتها للمعلومات المضللة، إذ استغرق الأمر منها عدة ساعات لتفنيد البيانات المنشورة على الشبكة العنكبوتية التي تدعي أن مهاجم ساوثبورت طالب لجوء مسلم، وهي “أكاذيب” استخدمها أصحاب النفوذ للتحريض على الاضطرابات في بداياتها.

ومع ذلك، فإن المجلة ترى أن الرد المفحم على “البلطجة” ليس كافيا، مضيفة أن ذلك يتطلب 3 مقاربات متوازية: الأولى هو اغتنام كل فرصة لدحض الخرافات المناهضة للهجرة، والثانية ضرورة الحد من الإخفاقات السياسية الأكثر ضررا ووضوحا؛ مثل معالجة طلبات اللجوء بأسرع ما يمكن، لمنع تكدس أعداد كبيرة من المهاجرين في الفنادق التي تقع في الغالب في مناطق محرومة.

أما المقاربة الثالثة فتتمثل في العمل على معالجة الخلل في الخدمات والمرافق العامة التي تقدمها السلطات المحلية حتى لا يصب المواطنون في تلك المناطق جام غضبهم على المهاجرين، فتتراجع الثقة في السياسات السائدة فيضطر الناس إلى أخذ الأمور بأيديهم.