رئاسيات تونس.. مرشحون وراء القضبان وآخرون بمواجهة "تضييقات"
نقدم لكم في اشراق العالم 24 خبر بعنوان “رئاسيات تونس.. مرشحون وراء القضبان وآخرون بمواجهة "تضييقات"”
تعيش الساحة السياسية التونسية حالة من الجدل مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر المقبل، فبينما يتسابق عدد من الشخصيات السياسية والعامة لإعلان الترشح، تتصاعد الانتقادات الموجهة للسلطات بشأن ما يوصف بأنه “حملة تقييد” ضد المنافسين المحتملين للرئيس قيس سعيد.
وتفاقمت هذه الحالة في ضوء قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بفرض شروط ترشح جديدة، إلى جانب استمرار اعتقال وسجن بعض المرشحين، ما يثير تساؤلات يشأن مدى نزاهة العملية الانتخابية المرتقبة وقدرتها على عكس إرادة التونسيين.
مرشحون من خلف القضبان
وأعلن الناشط السياسي والوزير السابق، غازي الشواشي، الاثنين، عن ترشحه للانتخابات الرئاسية من داخل السجن، وذلك بعد أيام من اعتقال الأمين العام لحزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، لطفي المرايحي، الذي أعلن أيضا ترشحه للانتخابات.
وإلى جانب الشواشي والمرايحي، تقبع عبير موسي، زعيمة الحزب الدستوري الحر والمرشحة البارزة بحسب استطلاعات الرأي، أيضا في السجن منذ العام الماضي، بشبهة الإضرار بالأمن العام.
ويقول حزب موسي إنها سُجنت في محاولة لإخراجها من السباق الانتخابي وإبعادها باعتبار أنها مرشحة قوية للغاية. كما يواجه مرشحون آخرون، من بينهم منذر الزنايدي سعيد الصافي ونزار الشعري وعبد اللطيف المكي ملاحقات قضائية في قضايا مختلفة من بينها التدليس والفساد وتبييض الأموال.
وتقول المعارضة التونسية إنه لا يمكن إجراء انتخابات نزيهة وذات مصداقية ما لم يتم إطلاق سراح السياسيين المسجونين والسماح لوسائل الإعلام بالقيام بعملها بحرية دون ضغوط من الحكومة، منتقدة إقرار هيئة الانتخابات لشروط جديدة تقف أمام حق المرشحين المتابعين في السعي للوصول إلى قصر قرطاج.
أستاذ القانون والباحث في القانون الدستوري، الصغير الزكراوي، يقول إن المناخ العام في تونس “لا يوفر الظروف الدنيا لإجراء انتخابات رئاسية”، لافتا إلى ما وصفها بـ”حالة الاحتقان التي تمرّ منها البلاد”.
ويضيف الزكراوي في تصريح لموقع “الحرة”، أنه بـ”التضييق على المرشحين، بل وسجن بعضهم، يظهر أن السلطة تريد مرشحين على المقاس في ظل الشروط المجحفة التي فرضتها الهيئة للعليا للانتخابات”، والتي عدّها “غير دستورية”.
وسيطر سعيد على جميع السلطات تقريبا في عام 2021 بعد أن حل البرلمان وبدأ الحكم بمراسيم في خطوة وصفتها المعارضة بأنها انقلاب، بينما يقول الرئيس إن خطواته كانت قانونية وضرورية لإنهاء سنوات من الفساد المستشري بين النخبة السياسية.
واعتقل الأمن التونسي معارضين بارزين منذ العام الماضي بتهمة التآمر على أمن الدولة في حملة شملت رجال أعمال وسياسيين.
جدل الشروط الشديدة
ومطلع شهر يوليو الجاري، دعا الرئيس التونسي، المواطنين إلى انتخابات رئاسية في 6 أكتوبر، قبل أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن أن تسجيل المرشحين للانتخابات ينطلق في 29 يوليو ويتواصل حتى 6 أغسطس.
وأقرت الهيئة العليا للانتخابات تعديلات جديدة في شروط الانتخابات المقبلة تستند على دستور البلاد المعدّل في 2022، استندت بحسبها على المادة 89 من الدستور.
كما ألزمت الهيئة ضمن شروطها الجديدة وجوب حصول المرشح على “بطاقة عدد 3” المتعلقة بالسوابق العدلية، لإثبات عدم وجود موانع قانونية لترشحه، بالإضافة إلى أن يكون المرشح أو المرشحة يوم تقديم ترشحه بالغا من العمر 40 سنة على الأقل، ومتمتعا بجميع حقوقه المدنية والسياسية، وفقا للمادة ذاتها.
ووجهت الشروط الجديدة انتقادات واسعة من طرف عدة فعاليات ومنظمات تونسية غير حكومية، بينها منظمة “أنا يقظ”، التي دعت، الثلاثاء، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بـ”العمل على تيسير حق الترشح للانتخابات الرئاسية عوض عرقلته”.
واعتبرت المنظمة في بيان، أنّ “تتبع الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات لبعض المترشحين المحتملين وفق جرائم غير انتخابية ولمن ينتقد عملها، يشكّك في حيادها في تعاملها مستقبلا مع المترشحين المتتبعين”.
بدوره يرى الجامعي التونسي، أن الهيئة العليا للانتخابات بهذه القرارات “تنتصب مكان المشرّع بفرضها شرطا مثل بطاقة السوابق العدلية، وتمارس ولاية عامة على الانتخابات”.
وقالت “أنا يقظ”، إنّ “تركيبة هيئة الانتخابات غير الدستورية، وتسمية أعضائها بطريقة أحادية من رئيس الجمهورية المترشّح المحتمل وتعمدها منهج الضبابية وعدم نشر القواعد القانونية، يضع سلامة المسار الانتخابي على المحكّ”.
في نفس السياق، يقول الزكراوي إن هذه الهيئة تتبع لرئاسة الجمهورية وليست مستقلة في عملها، بالتالي تغيب شروط إقامة “انتخابات حرة ونزيهة حتى أصبحنا نحن لانتخابات 2014 و2017، التي كانت ربما توفر الشروط الدنيا لعقد انتخابات نزيهة”.
ويلفت الزكراوي إلى التضييق على حرية الإعلام وتوقيف بعض المرشحين والتضييق على آخرين، يكشف أن “المناخ لا يسمح بتنظيم انتخابات بالشكل الذي يريده التونسيون”.
انتقادات ورد من الهيئة
في المقابل، يقول الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري، إن الانتخابات المقبلة تشهد نفس الشروط والإجراءات التي طبقت في المسارات الانتخابية السابقة منذ 2014، وفقا للقانون الإنتخابي للسنة ذاتها.
ويضيف المنصري في تصريح لموقع “الحرة”، أنه جرى إقرار 3 شروط جديدة وردت بدستور البلاد الجديد، وهي شرط السن وشرط الجنسية وشرط التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، وذلك وفقا لمبدأ علوية الدستور.
ووصفت منظمة “أنا يقظ” هذه الإجراءات بـ”المعقّدة”، معتبرة أن وجوب تقديم توكيل خاص لسحب التزكيات خاصة في ما يتعلّق بالمترشحين المحتملين القابعين بالسجن، ليس إلاّ تضييقا على الحق الكوني في الترشح وعرقلة واضحة لممارسة هذا الحقّ، وفق بلاغها.
وأضافت أنّ “غياب الشفافية المنتهج من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتعمدها عدم نشر القرار المنقح للشروط وإجراءات الترشح للانتخابات الرئاسية طيلة اثني عشر يوما رغم تأكيدها أنّ هذا القرار ينفذ حالا منذ الإعلان عنه والانطلاق في العمل به دون نشره يعدّ مخالفة للمبادئ المتعلّقة بسلامة المسار الانتخابي والأمان القانوني”.
وأشارت إلى أنّ “إضفاء شروط شكلية جديدة، يخرج عما قد تعهدت به الهيئة سابقا في أنّ قرارها لن يتجاوز ما نصّ عليه دستور سنة 2022، ليس إلاّ تضييقا على المترشحين ومسا بالممارسات الفضلى في الانتخابات التي تقتضي عدم المساس بقواعد الانتخابات قبل سنة من إجرائها”.
وردا على انتقادات غياب الاستقلالية، يقول الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للانتخابات، أن هذه الأخيرة كانت “عرضة للاتهامات منذ تأسيسها”، مشيرا إلى أن “الأهم هو وجود ضمانات كبرى لقبول النتائج وشفافية المسار وهاته الضمانات هي المجتمع المدني والملاحظين وممثلي المترشحين والصحافة والإعلام”.
وأكد المسؤول التونسي، على أن “أهم ضمانة هي الرقابة القضائية على كامل المسار رقابة المحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات”.
وتعليقا على الجدل الدائر بشأن الشروط الجديدة وإن كانت تمثل تضييقا على المرشحين، يقول رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير، إن “إقصاء أيا من الراغبين من الترشح الذين لم تصدر في حقهم أي إدانات أو متابعات نهائية من طرف القضاء يمكن أن يعتبر تضييقا سياسيا”.
ويؤكد عبد الكبير في حديثه لموقع الحرة، أن المناخ السياسي بتونس في “وضع صعب”، في خضم النقاش الجاري بشأن أهلية الترشيح وما يعتبره البعض منعا للبعض لخوض الانتخابات.
من جانبه، يرى القيادي في حزب “التيار الشعبي”، جمال مارس، يرى أن القرارات الأخيرة لمجلس تأتي لملاءمة الدستور الجديد للبلاد، مؤكدا أن خلو سجله العدلي من أي سوابق، “شرط لا بد منه” رغم ادّعاء المعارضة بأنه جاء للتضييق على بعض المترشحين.
ويشدد مارس في تصريح لموقع الحرة، على أن هذا الشرط “يسري على مختلف الوظائف العمومية بالبلاد”، بالتالي فإن من الأساسي أن يكون يستوفيه أيضا الراغبون في الترشح لرئاسة الجمهورية.
وبشأن المؤاخذات المطروحة بشأن التضييق على الحريات والإعلام وعدم استقلالية الهيئة العليا للانتخابات، يقول إن “تونس في خضم حملة كبيرة لمحاربة الفساد”.
ويشير إلى أن السؤال الأساسي في تونس اليوم يتعلق بمدى استقلالية السلطة القضائية، معتبرا أن من الأجدر الاطلاع على محتوى الملفات المعروضة أمام القضاء والمترشحين للانتخابات.
ويضيف أن نزاهة الانتخابات والمناخ العام يجب أن تتوفر فيه شروط ممارسة الحملة الانتخابية وحق المواطن في الاختيار والتصويت، ويؤكد على إلى الانتقادات “تبقى مشروعة كون التجربة الديمقراطية في البلاد ما زالت جنينية ولم تتحقق بشكل صحيح منذ 2011.
ويضيف أنه “خلال فترة الإخوان لعب المال السياسي لعبه واليوم يطمح رئيس الجمهورية لتجاوز ممارسة الديمقراطية بذلك الشكل ومحاولة تنقية المناخ العام من خلال التضييق على المال الفاسد والأجنبي الذي يدخل تونس”.
ويذكر المتحدث ذاته بتصريحات لسعيد خلال زيارته لقبر الرئيس السابق الحبيب بورقيبة في ذكرى وفاته، والتي أشار “لن يسلم السلطة إلا لمن يستحقها ولا يمكن لمن حكموا خلال العشرية السوداء أن يعودوا للسلطة”.
ويضيف مارس أن هذا الكلام “قد يظهر من شق معين كتضييق، لكنه بحث عن تخليق الحياة السياسية بتونس”، مؤكدا “ألا خوف على مستقبل الديمقراطية في تونس في ظل حكم قيس سعيد الذي أثبت قربه من المواطن وحبه لهذا البلد”.
أسماء أخرى
وإلى جانب الأسماء التي تقبع بالسجن أو المتابعة أمام القضاء، أعلن القاضي المعفى ورئيس جمعية القضاة التونسيين الشبان، مراد المسعودي، السبت، أنّه ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، قائلا: “لديّ نيّة الترشح وهذا من حقي كمواطن تونسي، لا تتعلق به موانع كالحرمان من الحقوق المدنية والسياسية”.
من جهته، كشف الأميرال المتقاعد كمال العكروت، عن تقديم ترشّحه للانتخابات الرئاسية. وشغل العكروت منصب قائد سابق للقوات البحرية ومستشار الأمن القومي خلال فترة ولاية الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في 5 أكتوبر 2017.
بدوره، أعلن العميد السابق والناطق الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية هشام المدب الترشّح للانتخابات الرئاسية.
وكشف المسؤول الأمني السابق، شهر مارس الماضي في برنامج مع إذاعة “الجوهرة”، نيته الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، معتبرا أن لديه معرفة وخبرة واسعة بالشأن الإداري والأمني، وهو ما من شأنه أن يساعده كثيرا في إدارة دواليب الدولة.
كما كشف الإعلامي والناشط السياسي، نزار الشعري، أيضا أنه سيترشح للانتخابات الرئاسية.
ونفس الأمر بالنسبة للسياسية أولفا حمدي، الرئيسة السابقة للخطوط الجوية التونسية ومؤسسة “حزب الجمهورية الثالثة”، والتي يرتقب أن تحول الشروط الجديدة للهيئة ضد ترشحها أيضا، بسبب عدم استيفائها شرط السن، إذ أنها في الـ35 من عمرها.
وانتقدت الشابة التونسية القرار على منصة “إكس”، معتبرة أنه “غير دستوري، بل وغير قانوني وفقا لقانون الانتخابات الحالي”.
وقالت حمدي في منشورها “بينما أشعر بالحزن على فقدان بلدي لنزاهة انتخاباته الرئاسية، لأن مؤسساتنا أصبحت الآن متواطئة في إضعاف سيادة القانون، إلا أنني ما زلت أصلي من أجل شعبي وبلدي وأعتقد أننا سنظل نجد طريقة لإحياء حريتنا وديمقراطيتنا”.
من جهته، أكد أخصائي أمراض القلب و الشرايين في تونس، ذاكر الله الأهيذب، نيته للترشح للانتخابات الرئاسية. ونشر الدكتور التونسي، الاثنين، البيان الانتخابي وملخصا لبرنامجه، على صفحته على فيسبوك.
واعتبر الأهيذب أنه يتقدم بالترشح لمنصب الرئيس “من منطلق غيرتنا على هذه البلاد، وايمانا مني بحساسية اللحظة، وباعتبار ان سياسة الكراسي الفارغة اثبتت انها لا يمكن تغي أو تتلافى ما انتهج من سياسة الأمر الواقع”.
بدوره، أعلن كل من الباحث السياسي سامي الجلولي والكاتب والناشط السياسي اعتزامه الترشح في الانتخابات المقبلة.
تعليقا على هذه الترشيحات، يقول الزكراوي، إن عددا كبيرا من المرشحين تقدموا بترشحهم للانتخابات الرئاسية منذ فتح باب الترشح، مشيرا إلى أن “حظوظها في التنافس قائمة، غير أنه يكشف أن “أسماء أخرى مهمّة” ستخوض غمار هذه الانتخابات وستكشف عن ذلك الأيام القليلة المقبلة.
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.