عاجل الآن

بدون طرطوس: النفوذ الروسي في أفريقيا بعد سقوط الأسد

اشراق العالم 24 متابعات عالمية عاجلة:

نقدم لكم في اشراق العالم24 خبر “بدون طرطوس: النفوذ الروسي في أفريقيا بعد سقوط الأسد”

بعد قرابة عقدين من العمل الحثيث واستغلال الفرص، أصبحت أفريقيا أحد الأركان المهمة لإستراتيجية روسيا العالمية. وبحسب مؤسسة “جيوبوليتيكال فيوتشرز”، تتربح موسكو نحو مليار دولار سنويا نظير عملياتها في جمهورية أفريقيا الوسطى وحدها، التي تشمل التجارة غير المشروعة في الذهب والماس والأخشاب الصلبة الثمينة.

كما تُعَد إدارة روسيا لحقول النفط في ليبيا والسودان مصدرا مهما للعملة الأجنبية، وتساعد موسكو في التحايل على العقوبات الغربية. وقد تُرجِم هذا الحضور إلى نفوذ سياسي بين الدول الأفريقية، التي بدت مترددة إلى حدٍّ كبير في إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا رغم الضغوط الغربية، بل وأيَّد بعضها الرواية الروسية، التي تقول إن موسكو إنما تواجه مساعي الهيمنة الغربية في محيطها الجيوسياسي.

بحسب المؤسسة نفسها، أصبحت أفريقيا (بالإضافة إلى آسيا الوسطى) مصدرا رئيسيا للعمالة في روسيا، التي تواجه فجوة متزايدة في أعداد الأيدي العمالة المتاحة في البلاد. كما جُنِّد المهاجرون الأفارقة للعمل في مصانع الطائرات المُسيَّرة والذخيرة الروسية، التي تُشكِّل أهمية حيوية لجهود موسكو الحربية.

وأخيرا، أصبحت منطقة الساحل ووسط أفريقيا وسيلة يمكن من خلالها لروسيا تهديد الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي، علاوة على أن القوات العسكرية الروسية والصواريخ المنتشرة في ليبيا تُعَد أداة ذات قيمة عالية لممارسة الضغوط على الحكومات الأوروبية.

يظهر مدى التباين في نمط سياسات روسيا تجاه أفريقيا بالمقارنة مع الاتحاد السوفياتي، إذ تسير موسكو وفق إستراتيجية “انتهازية” إلى حدٍّ كبير من أجل اقتناص الفرص التي تدر عائدا أمنيا وماليا سريعا، مما يجعلها تكتفي أحيانا بوجود غير رسمي وغير مقنن وغير مستدام بطبيعة الحال. وقد يعود جزء كبير من ذلك إلى القيود التي تفرضها محدودية الموارد الروسية مقارنة بالاتحاد السوفياتي.

إبان سنوات الحرب الباردة، حين أبحر الاتحاد السوفياتي تجاه أفريقيا، فإنه نظر إلى أفريقيا بوصفها ساحة مهمة في الصراع الأيديولوجي العالمي مع الغرب. ونتج عن ذلك توجيه مئات من المستشارين السوفييت إلى دول أفريقيا، لتعميق علاقاتها مع الاتحاد وتجذير التوجهات الاشتراكية لدى النخب السياسية والعسكرية في الدول حديثة الاستقلال.

وقد اعتُبرت المنح التعليمية أداة مهمة لبسط نفوذ الاتحاد خارج حدوده، فبدءا من عام 1957، استقبل الاتحاد السوفياتي أعدادا متزايدة من الطلاب الأفارقة من خلال مؤسسات تعليمية أُسست خصوصا لهذا الغرض، مثل “الجامعة الروسية لصداقة الشعوب”، التي سُميت لاحقا باسم المناضل الكونغولي “باتريس لومومبا”. وعملت هذه المؤسسات على خلق مجتمعات طلابية أفريقية في مدن الاتحاد السوفياتي لتكون لاحقا بمنزلة قنوات لنشر الأفكار الاشتراكية وتوطينها في القارة.

لكن هذه الأبعاد غائبة عن سياسة موسكو الحديثة، التي تعتمد على المصلحيّة البحتة في بناء العلاقات الخارجية بفجاجة، وتتخلى عنها أيضا للدوافع ذاتها، فيما يمكن أن يُطلَق عليه “صداقة الأنذال”. وهو ما سمح لها أحيانا باقتناص كثير من الفرص وإدارتها بشكل مرن وفعّال في أفريقيا، متغلبة في ذلك على محدودية الموارد مقارنة بالولايات المتحدة أو الصين، لكنها في الوقت نفسه تعمل وفق نمط قصير الأمد، فيصبح نفوذها هشًّا وغير مستدام مع أي تحوُّلات كُبرى، كما أثبت حضورها في سوريا ذاتها.

تحدي الصورة والإمكانية

منذ أن حسمت روسيا المعركة مع المعارضة السورية المسلحة في حلب عام 2016، قدمت نفسها باعتبارها شريكا “موثوقا به”، يمكن للدول التي تواجه حالات تمرد أو اضطرابات داخلية الاستعانة به. وعلى إثر ذلك عززت روسيا وجودها العسكري في ليبيا، وتبعتها شركات عسكرية خاصة من مجموعة “فاغنر” عام 2018، علاوة على خدمات أمنية قدَّمتها لعدد من النظم الاستبدادية.

وفقا لمجلة “فورين بوليسي” الأميركية، كانت قدرة روسيا على توريد المواد الحربية والأفراد إلى ليبيا تعتمد بالأساس على امتلاك موطئ قدم دائم في سوريا، حيث ساعدت قواعدها هناك في عمليات إعادة الإمداد وصيانة المعدات وتسهيل تناوب الأفراد في ليبيا. كما أن استخدام موسكو لسوريا بوصفها نقطة انطلاق جوية كان أمرا بالغ الأهمية، فقد سمحت الرحلات الجوية المنتظمة من منطقة اللاذقية السورية إلى القواعد التابعة لخليفة حفتر في الخادم والجفرة بنقل سلس للطائرات إلى المطارات الليبية.

مع توسع البصمة الإستراتيجية لروسيا في أفريقيا جنوب الصحراء، توسَّعت الأهمية اللوجيستية لسوريا أيضا. فقد اعتمد التدخل العسكري لمجموعة “فاغنر” في مالي، الذي بدأ في أواخر عام 2021، على القواعد الروسية في سوريا، وكان بمنزلة بوابة للانتشار على نطاق أصغر إلى بوركينا فاسو عام 2023، والنيجر عام 2024.

وعندما اندلعت حرب السودان في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، سمح اتصال جوي بين سوريا وليبيا والسودان بنقل صواريخ أرض-جو روسية إلى الدعم السريع.

ويُقدِّر خبراء عسكريون أنه بدون الوصول إلى قاعدة حميميم الجوية، فإن الحليف الوحيد لروسيا في أفريقيا الذي يمكن الوصول إليه بالطائرات دون الحاجة إلى التزوُّد بالوقود سيكون ليبيا، وحتى هذا قد يكون صعبا بالنظر إلى أنه يتطلب الطيران مباشرة فوق المجال الجوي لتركيا، التي تربطها بروسيا علاقات معقدة ومتقلبة، وبالأخص في الملف الليبي.

من جهة أخرى، سوف تدفع هزيمة موسكو في سوريا بكثير من الشكوك لدى القادة الأفارقة حول قدرتها على توفير الأمن لهم بشكل حاسم ودعم استقرار أنظمتهم. وقد يتضرر الاقتصاد الروسي نفسه كثيرا نتيجة مآلات سقوط الأسد على تصوُّرات الأنظمة الاستبدادية المتحالفة مع موسكو. فوفقا للخبير في العلاقات الدولية صموئيل راماني، وفَّرت احتياطيات الذهب والماس في أفريقيا مصدرا حيويا للعملة الصعبة لروسيا.

وفي أثناء التحضيرات المباشرة لغزو أوكرانيا عام 2022، سافر ما لا يقل عن 16 طائرة محملة بالذهب من السودان إلى روسيا عبر سوريا. وبدون أن تعمل سوريا بوصفها نقطة عبور لعمليات استخراج المعادن هذه، قد ترتفع تكلفة تهريبها إلى روسيا. ومن ثم فإن الزخم التجاري الذي غذَّى تجارة كُبرى بلغت 24.5 مليار دولار مع أفريقيا سوف ينهار.


الجدير بالذكر أن خبر “بدون طرطوس: النفوذ الروسي في أفريقيا بعد سقوط الأسد” تم نقله واقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق اشراق العالم 24 والمصدر الأصلي هو المعني بما ورد في الخبر.
اشترك في نشرة اشراق العالم24 الإخبارية
الخبر لحظة بلحظة
اشرق مع العالم

اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading