جبل قاسيون "مصعد الأنبياء المقدس" و"حارس دمشق"
اشراق العالم 24 متابعات عالمية عاجلة:
نقدم لكم في اشراق العالم24 خبر “جبل قاسيون "مصعد الأنبياء المقدس" و"حارس دمشق"”
الموقع والجغرافيا
يقع جبل قاسيون شمالي مدينة دمشق، وتتصل به من الغرب سلسلة جبال لبنان، ومن الشمال والشرق سلسلة جبال القلمون، التي تمتد إلى مدينة حمص، ومن هناك يشرف على غوطة دمشق.
ويرتفع عن مستوى سطح البحر نحو 1150 مترا، فيما يمتد عرضه إلى 15 كيلومترا، وهو عبارة عن هضبة تشكّلت حسب الجيولوجيين في بداية العصر الطباشيري المتأخر.
وتفصله أنهار بردى السبعة عن جبل المزة المتصل بجبل الشيخ وجبال حوران، وتفصله مياه منين شرقا عن جبال القلمون. وله سفحان من الجهة الشرقية، يفصل بينهما نهر يزيد.
تغطيه الثلوج في الشتاء، وفي الصيف يكون ملاذا باردا للهاربين من حرارة الجو، ويمكن الوصول للجبل عبر التوجه نحو الشمال الغربي من سور مدينة دمشق باتجاه حي الصالحية، وهو من المناطق المعروفة بانتشار بيوت الصوفية التي كانت تستخدم قديما مكانا لراحة الحجاج، وكانت تعرف آنذاك بـ”الخانات”.
وبعد الصالحية يستمر الطريق نحو ساحة شمدين، التي سميت على اسم أمير محمل الحج الشامي سعيد شمدين آغا، ومن هناك يمكن الصعود نحو قمة الجبل، عبر أدراج معبدة تصل نهايتها إلى سلسلة كهوف ومسجد، ومن هناك يمكن مشاهدة دمشق كلها.
التسمية
يعرف بـ”الجبل المقدس” لأهميته التاريخية والدينية وكثرة الأساطير المروية عنه، إذ قيل إنه كان مزارا للأنبياء والرسل، وإن أحداثا ذكرت في القرآن الكريم وكتب التاريخ الإسلامية قد وقعت فيه، منها أن سيدنا آدم عليه السلام سكن سفحه قرب التربة البدرية، وعليه قتل قابيل أخاه هابيل، وفي “كهف جبريل” جاءت الملائكة تعزي آدم في مقتل ابنه.
ويعرف الجبل بتسميات أخرى، منها “جبل دمشق” و”جبل الشام” و”جبل التين” و”جبل الأيتام” و”جبل الأنبياء” و”مصعد الأنبياء” و”حارس دمشق”، وفي الآرامية القديمة ذكر باسم “قَيصون” وتعني نهائي وأقصى.
ويرى المؤرخ قتيبة الشهابي أن تسمية “قاسيون” ظهرت في المصادر العربية منذ القرن الأول الهجري، لكن بعض المصادر العربية ذكرتها بصيغ أخرى مثل ” قَيْسُون ” أو “قايسون”، كما تغنى بدمشق شعراء العرب قديما، إذ لقبوها بـ”بنت قيسون”.
ويرجح أن الاسم تحور من “قيسون” إلى “قاسيون” في العصر الهلنستي، متأثرا باللسان اليوناني الذي يُشبع حروف العلة. ومن جانب آخر، قد يكون الاسم مشتقا من الجذر الآرامي “ق ش ا”، الذي يعني “القسوة”، وهو ما كتبه الكاهن الأرثوذكسي أيوب سميا، الذي قال “قاسيون أصلها الكلمة السريانية (قشيونو)، ومعناها القاسي الجاف، وهي صفة هذا الجبل الصخري الأجرد الذي لا عشب فيه ولا خضرة ولا ماء”.
وقيل إن الجبل سمي قاسيون لقسوة حجارته وعصيانها وصعوبة صناعة الكفار منها الأصنام زمن النبي إبراهيم عليه السلام. وقيل الأصل كلمة قاسي، وألحقت بها الواو والنون تأثرا بالكنعانيين الذين كانت لهم عادة إلحاقهما، كما في كلمتي القلمون وميسلون.
ويصف الرحالة ابن بطوطة الجبل في كتاب “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” بأنه “شهير البركة فهو مصعد الأنبياء”، وقال عنه ياقوت الحموي إنه “جبل معظم ومقدس”.
محطات تاريخية
يذكر الرحالة ابن عساكر في كتابه “أخبار دمشق”، أن سيدنا إبراهيم ولد على سفح هذا الجبل، عند قرية تعرف ببَرزة، في غار ضيق بني عليه مسجد له غرف كثيرة، منه رأى عليه السلام الكوكب والقمر والشمس، كما ذكر الله تعالى في القرآن (سورة الأنعام 76-78)، وخلف هذا الغار يقع مقام إبراهيم، وشمال الجامع “مدفن لسبعين ألف شهيد، و700 نبي، وقيل 70 نبيا”.
ويذكر ابن جبير عند زيارته لدمشق وتأريخه لمرويات أهل المنطقة، أنه بقرب الربوة في النيرب قرب سفح قاسيون الغربي، سكنت حنَّة أم مريم العذراء، وفي تلك المنطقة نزل سيدنا يحيى بن زكريا عليه السلام مع أمه 40 عاما، واحتمى من قوم عاد داخل غار فيها.
وحسب الموروثات الشعبية والتراث التاريخي المتناقل، فإن سيدنا عيسى عليه السلام وأمه مريم سكنا تلة قاسيون، وقيل إنها المكان الذي ذكره الله في سورة المؤمنون (الآية 50) في قوله تعالى “وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِين”. وبعدها مر بها حواريو عيسى -وعددهم 40-، وضمّت تلك المنطقة مسجدا فيه 40 محرابا، وتعبيرا عن قدسية هذا الجبل قيل فيه “بين برزة وأَرْزَة أربعون ألف نبي”.
ويذكر المؤرخ الدمشقي محمد أحمد دهمان أن سكان دمشق استوطنوا جبل قاسيون أجيالا عديدة قبل أن ينزلوا إلى السهل ويبنوا مدينتهم، وحتى قبل تأسيس دمشق في موقعها الحالي، مما يعني أن قاسيون كان بمثابة المدينة الأولى لهم.
ويروي أحمد بن طولون الأمر ذاته قائلا إن أهل دمشق سكنوا هذا الجبل قبل أن يسكنوا المدينة، و”عاشوا فيه أجيالا طويلة، حتى إذا تكاثروا وتناسلوا وارتقت معارفهم وتجاربهم هبطوا إلى السهل المنبسط أسفله فبنوا مدينتهم”.
وقيل إن أول أسرة استقرت في حي الصالحية كانت عائلة نابلسية قادها أحمد قدامة المقدسي الحنبلي الذي هرب من الصليبيين عام 1156م، واستقرت بالقرب من جامع أبي صالح بدمشق، وأسهمت في ظهور الحنابلة في تلك المنطقة. وعندما انتقلت العائلة لاحقا إلى منطقة قاسيون أصبح اسمها (الحنابلة) مرتبطا بالحي الذي عُرف باسم “الصالحية”.
واستقرت تلك الأسرة الفلسطينية بقيادة الشيخ قدامة وابنه أبي عمر في تلك المنطقة بدعم من الزنكيين الذين حكموا البلاد في القرن الـ12. وأسس نور الدين زنكي خانا في المنطقة على سفوح جبل قاسيون، مما عزز من وجود الحنابلة فيها.
وبعد أقل من مئة عام، استقر الشيخ الصوفي محيي الدين بن عربي في دمشق عند عودته من الحج، واختار الصالحية مكانا لإقامته حتى وفاته ودفنه فيها، ومنح وجوده المدينة شهرة استمرت لقرون، حتى صارت مركزا للصوفية، ومزارا مقدسا للمتصوفة في دمشق.
وظلّ مقام ابن العربي يحظى بأهمية كبيرة بين الصوفية في العالم الإسلامي، وعام 1516م أمر السلطان العثماني سليم الأول عند فتحه الشام ببناء مسجد بجوار قبر ابن العربي.
وفي عهد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، أقيمت على أطراف جبل قاسيون قواعد عسكرية وثكنات، من بينها ثكنات ميليشيا سرايا الدفاع التي أسسها شقيقه رفعت الأسد.
ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تحوّل جبل قاسيون إلى قاعدة عسكرية إستراتيجية، وتمركزت عليه ألوية الحرس الجمهوري الذي تولى مسؤوليته ماهر الأسد، وكتائب المدفعية والصواريخ التابعة للفرقة الرابعة.
وأغلقت السلطات الطريق المؤدي الى أعالي جبل قاسيون أمام المدنيين، ووضعت نقاطا أمنية على امتداده لكونه يوفّر إشرافا إستراتيجيا على دمشق وعلى القصور الرئاسية فيها.
وأسفرت سيطرة النظام على مرتفعات قاسيون عن تمركز القوات بشكل أتاح لها استهداف مناطق الغوطة الثائرة وقصف قراها بشكل مكثف بالكيماوي والقنابل والصواريخ، مما أدى إلى تدمير واسع في بناها التحتية.
ومنذ ذلك الحين صار الجبل موقعا عسكريا محرما على المواطنين الاقتراب منه، إذ شكّل للنظام السابق ضمانا لتطويق العاصمة منعا لأي هجوم محتمل عليها، وضد أي محاولات انقلاب أو تمرد على نظام الأسد من داخل دمشق، وبقي عنصر حاسما لضمان تفوق الأسد على المعارضة التي لم تستطع السيطرة على جبل قاسيون بسبب ضعف تسليحها.
وبعد تمكّن المعارضة السورية المسلحة من الإطاحة بنظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، فتح الجبل ذراعيه لاستقبال السوريين من جديد، وبات مزارا مزدحما، وعلى قمته انتشر مقطع فيديو صور القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع، ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان وهما يحتسيان الشاي.
أبرز المعالم
يشتهر جبل قاسيون باحتضانه عددا من الأحياء السكنية الشهيرة، أهمها حي الصالحية ومنطقة المهاجرين وحي الأكراد ومنطقة الشيخ محيي الدين وأبو جرش والشركسية.
ويضم قاسيون عددا من الأديرة والمقامات التي تنسب للأولياء والصالحين، منها “دير مرّان”، وقبر النبي ذي الكفل عليه السلام، ومقام النبي يونس عليه السلام، وقبر ابن العربي، إضافة إلى مقام النبي إيليا.
ويضم أيضا “قصر الشعب” الذي بناه حافظ الأسد على إحدى قممه. ومن أبرز معالمه الأخرى:
- مغارة الدم (مقام الأربعين)
تسمى أيضا مغارة آدم، ويعود تاريخها إلى أكثر من 4 آلاف عام، وكانت معبدا وثنيا للآراميين ثم كنيسة في عهد الروم، ويقول ابن جبير الأندلسي إنها سميت بمغارة الدم لأنها مكان موقعة مقتل هابيل، الذي تقول الروايات إن دمه لطخ سفح الجبل حتى منتصفه ولم ينته إلا عند تلك المغارة، وتقول رواية أخرى إنها المكان الذي جرّ إليه قابيل أخاه هابيل بعد قتله، فترك دمه أثرا لم تمحه القرون.
ووفقا للتراث المحلي، يروى أنه عند وقوع تلك الحادثة، اهتز جبل قاسيون من هولها وبدأ بالانهيار، إلا أن الملك جبريل عليه السلام تدخّل وأمسكه بيديه مانعا انهياره، ويُقال إن الدليل على تلك الحادثة هو بصمة يد ظاهرة على سقف المغارة، يعتقد الناس أنها تعود لجبريل.
وتذكر بعض الروايات أيضا أن أنبياء الله إبراهيم وموسى وعيسى ولوطا وأيوب صلّوا في تلك المغارة التي فيها محرابان. وقيل إنها سميت مغارة الأربعين لأن سيدنا يحيى سكنها مع أمه 40 عاما.
- مقالع الحجارة الأثرية
تقع “مقالع الحجارة الأثرية” عند سفح الجبل، وهي التي كانت توفر لدمشق الحجر الكلسي الفاتح الذي استخدم في فن الأبلق البارز في المعمار الدمشقي القديم، وفيه تتناوب الحجارة بين اللونين الأبيض والأسود، وينتشر هذا المعمار في مساجد العاصمة ومدارسها وقصورها وبيوتها الشعبية.
- مغارة الجوعية (الجوع)
وهي من المغارات الطبيعية في الجبل، وسميت كذلك لأسطورة تقول إن 40 نبيا لجؤا إليها هربا من الكفار، ولم يكن معهم سوى رغيف خبز واحد، فآثر كل واحد منهم رفيقه، حتى ماتوا جميعهم من الجوع.
- قبتان تاريخيتان
يضم الموقع قبّتين تاريخيتين الأولى على قمة الجنك، وهي مبنى مرصد قاسيون المعروف باسم “قبة السيار الأثرية” نسبة إلى الأمير المملوكي سيار الشجاعي، وكان يُستخدم مرصدا فلكيا في عهد الخليفة المأمون لرصد النجوم والكواكب، والثانية هي “قبة النصر” لكنها اندثرت مع مرور الزمن.
الجدير بالذكر أن خبر “جبل قاسيون "مصعد الأنبياء المقدس" و"حارس دمشق"” تم نقله واقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق اشراق العالم 24 والمصدر الأصلي هو المعني بما ورد في الخبر.
اشترك في نشرة اشراق العالم24 الإخبارية
الخبر لحظة بلحظة
اشرق مع العالم
اقرأ على الموقع الرسمي
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.