أدب وثقافة

طه حسين وأيامه.. ماذا قال عن الكتاتيب

اشراق العالم 24 متابعات ثقافية:


لا شكَّ في أنَّ الكتاتيب كان لها أثر بارز في انتشار التعليم والثقافة بين المصريين في فترة زمنية معينة، وكلّما قرأنا عن أديب أو صحفي أو سياسي، أو قارئ قرآن، نكتشف أنَّ نشأته كانت على يد شيخ الكُتّاب في القرية أو المدينة التي نشأ فيها.


وكان من بين هذه الشخصيات البارزة، الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، الذي ذكر في كتابه الأيام، مواقف متعددة حدثت له في الكُتّاب.. وقد بدأ حديثه عن الكُتّاب في الفصل الخامس بقوله:


“ولكنه لا يعرف كيف حفظ القرآن، ولا يذكر كيف بدأه ولا كيف أعاده، وإن كان يذكر من حياته في الكُتَّاب مواقف كثيرة، منها ما يُضحكه الآن، ومنها ما يُحزنه؛ يذكر أوقاتًا كان يذهب فيها إلى الكُتَّاب محمولًا على كتف أحد أخويه؛ لأن الكُتَّاب كان بعيدًا، ولأنه كان أضعف من أن يقطع ماشيًا تلك المسافة، ثم لا يذكر متى بدأ يسعى إلى الكُتَّاب”.


وطه حسين لم يُعَبِّر في هذا الكتاب عن نفسه بضمير المخاطب ولو لمرة واحدة، وإنما كان دائمًا ما يُعَبِّر بضمير الغائب، أو بلفظ “صاحبنا”، وقد تطرّق إلى الحديث أكثر عن وصف الكُتّاب قائلاً: “ويرى نفسه في ضحى يوم جالسًا على الأرض بين يدي «سيِّدنا»، ومِن حوله طائفة من النعال كان يعبث ببعضها، وهو يذكر ما كان قد أُلصق بها من الرُّقَع، وكان «سيِّدنا» جالسًا على دَكَّةٍ من الخشب صغيرة ليست بالعالية ولا بالمنخفضة؛ قد وُضعت على يمين الداخل من باب الكُتَّاب، بحيث يمر كلُّ داخلٍ «بسيِّدنا»، وكان «سيِّدنا» قد تعوَّد متى دخل الكُتَّاب أن يخلع عباءته، أو بعبارة أدقَّ «دِفِّيَّتَهُ» ويَلُفُّها لفًّا يجعلها في شكل المِخَدَّة، ويضعها عن يمينه، ثم يخلع نعله ويتربَّع على دكته، ويبدأ في نداء الأسماء”.


وسبب عدم تذكُّرِه لبعض الأحداث، أنه كان وقت التحاقه بالكُتّاب صغير السِنّ، لذا قد تسقط بعض الأحداث من ذهنه.. لكنه يذكر وقت ختمه للقرآن، إذ بلغ التاسعة من عمره، أي أنه كان مدركًا أكثر من ذي قبل، لذا وصف تلك الفترة بقوله:

“ذلك اليوم الذي ختم فيه القرآن، ذلك أن سيِّدنا كان يتحدث إليه قبل هذا اليوم بأيام عن خَتْم القرآن، وعن أن أباه سيبتهج به، وكان يضع لذلك شروطًا ويطالب بحقوقه، ألم يكن قد علَّم قبل صاحبنا أربعةً من إخوته ذهب واحد منهم إلى الأزهر، والآخرون إلى المدارس، وصاحبنا هو الخامس! فكم لسيِّدنا على الأسرة من حقوق!

وحقوق سيِّدنا على الأسرة كانت تتمثل دائمًا طعامًا، وشرابًا، وثيابًا، ومالًا، فأمَّا الحقوق التي كان يقتضيها إذا ختم صاحبنا القرآن، فَعشْوةٌ دَسِمةٌ قبل كلِّ شيء، ثم جُبَّة وقُفطان، وزوجٌ من الأحذية، وطربوش مغربيٌّ، وطاقيَّة من هذا القماش الذي تُتخذ منه العمائم، وجنيْه أحمر، لا يرضى بشيء دون ذلك…”.


وتلك العطايا التي يطلبها الشيخ، هي جزءٌ من عادات الآباء مع أصحاب الكتاتيب، ذلك أنَّ الكُتّاب لم يكن تابعًا لأيِّ جهة رسمية، ولم يكن للمسؤولين عنه راتبًا، وإنما كان الأهالي يجرون لهم أجرًا من مال أو طعام، والميسورون منهم كانوا يُقطعونهم أرضًا.



اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading