فرص وتحديات ومخاطر أمام الثورة السورية
اشراق العالم 24 متابعات عالمية عاجلة:
نقدم لكم في اشراق العالم24 خبر “فرص وتحديات ومخاطر أمام الثورة السورية”
غير أنّ هذه الثورة تواجه تحديات ومخاطر كبيرة، بعضها داخلي، ويزيد من حِدّتها موقع سوريا الإستراتيجي وثرواتها، وكونها دولة مواجهة، وتقاطع المصالح الإقليمية والدولية تجاهها.
عناصر قوة وفرص
تتمثل أبرز عناصر قوة نظام الحكم الجديد في دمشق بامتلاكه “للثلاثي الذهبي”، في قيادة الدولة وبناء نظام جديد، وهي: العدالة الانتقالية، وعناصر القوة الخشنة، وعناصر القوة الناعمة. كما أن هناك فرصًا تدفع باتجاه نجاح الثورة:
أولًا: العدالة الانتقالية
حيث يمكن من خلالها إنشاء محاكم ثورية ونظام قضائي مَعنِي بتفكيك “الدولة العميقة” السابقة، ومعاقبة أو تحييد رموزها، والحيلولة دون تمكّنهم من تعطيل الثورة، أو إفراغها من محتواها، أو تشويهها، أو حرف بوصلتها، أو العودة للبروز تحت روافع ومسميات جديدة.
ويجب أن تكون ثمة معادلة حكيمة وحازمة، تسمح بأجواء من التسامح وطي صفحة الماضي، وتجاوز العصبيات الطائفية والعرقية؛ ولكنها في الوقت نفسه تقتلع “أكابر مجرميها” ورموز فسادها، وكوادر منظومة نفوذها الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والإدارية.
ثانيًا: القوة الخشنة
القوة الخشنة تتمثل في فرص إنشاء جيشٍ وطني مستوعبٍ لجميع المخلصين لسوريا الجديدة، وقائمٍ على حماية الوطن، وحماية عقيدة الأمة وتراثها وقيمها، ومُتشرّبٍ لمعاني الانتماء للأمة والدفاع عن قضاياها. وإنشاء أجهزة أمنية تحمي حرية الإنسان وكرامته وحقوقه، وتُحصّن البلد من الأعداء والخصوم، كما تحمي القيم والأخلاق، وتواجه أشكال الفساد والانحراف الاجتماعي.
ثالثًا: القوة الناعمة
تتمثل في فرص الإمساك بالمفاصل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية، بحيث تصبُّ في خدمة الدولة الجديدة، ويحكمها دستورٌ يصون النظام الجديد، ويجعل اللعبة السياسية ضمن شروط وبيئات تُفسح مجالات الإبداع والتطوير والتداول القيادي، ولكنها في الوقت نفسه تحمي الدولة الجديدة من المُتسلِّقين والعناصر الانتهازية، والمال السياسي والتدخل الخارجي وأعداء الثورة.
رابعًا: الإرادة الشعبية
يأتي النظام الجديد تعبيرًا عن إرادة شعبية عارمة، بينما لا يكاد النظام السابق يجد من يأسف عليه؛ وهي فرصة مهمة لإحداث تغييرات جذرية وعاجلة، وحسم عدد من القضايا وعلاجها في فترة قصيرة.
خامسًا: الثروة البشرية
الشعب السوري زاخر بالطاقات والكفاءات المتميزة، وقد استفاد في أثناء معاناته في مواطن اللجوء في بناء مئات الآلاف من القدرات والخبرات في شتى مجالات الحياة؛ حيث إن عودتها واستيعابها، وتوفير بيئات الحرية والإبداع المناسبة، سيوفر قفزات نوعية في مشروع النهوض والارتقاء.
سادسًا: المغتربون
توجد فرص كبيرة في الاستفادة ممن يرغب في البقاء من المغتربين، خصوصًا من تحولهم إلى سفراء ولوبيات ضغط لبلدهم، ومن تحويلاتهم المالية، إذا ما وجدت أنظمة بنكية ومالية شفافة وفعالة، وبيئات استثمار مشجعة.
سابعًا: تملك سوريا ثروات طبيعية، وموقعًا إستراتيجيًا، ومواقع سياحية وأثرية، وموانئ بحرية، تُمكنها من الوقوف على رجليها بسرعة كبيرة إذا ما أحسن التعامل معها.
ثامنًا: لدى القيادة فرصة قوية في اجتثاث الفساد من جذوره، خصوصًا أنه مرتبط بالنظام السابق وأدواته؛ وبالتالي لا يصعب بناء منظومة مؤسساتية وإدارية جديدة نظيفة وفعالة.
تاسعًا: لعل الخبرات التي اكتسبها الثوار في إدارة منطقة إدلب لعدة سنوات كانت “عيِّنة اختبارية” ستدفعهم خطوات للأمام في الانتقال لإدارة الدولة، مقارنة بالثورات التي تنتقل من الثورة إلى الدولة مباشرة، والتي لا يُتاح لعناصرها اكتساب حدٍّ معقول من الشروط الضرورية لإدارة الدولة.
تحديات ومخاطر
تواجه الثورة السورية تحديات ومخاطر كبيرة، يمكن أن تعصف بها إن لم تملك الرؤية الواضحة، والقدرة على المبادرة، والمسارعة لملء الفراغ، والتعامل بالجدية والحزم والحكمة اللازمة معها.
- أولًا: إعادة بناء مؤسسات الدولة المتهالكة والمدَمَّرة التي نخرها الفساد، وتردِّي الخدمات والبنى التحتية، بحيث يحتاج قيامها بالحدّ المعقول من أدوارها زمنًا وجهدًا كبيرين؛ في الوقت الذي سيضغط الناس وبأعداد هائلة لتلبية احتياجاتهم.
بل وسيلجأ أعداء الثورة والانتهازيون تحت هذا الغطاء إلى رفع سقف المطالبات وتحريض المواطنين، وسيضخِّمون الأخطاء؛ وما سكتوا عنه ستين عامًا تحت حكم البعث سيلجؤون للتشنيع على الثورة بسببه إن لم يتحقق في أيام.
- ثانيًا: عودة السّلم الأهلي، ورجوع ملايين المهجرين واللاجئين إلى بيوتهم، واستعادة حقوقهم، وإعمار منازلهم، وهو ملف كبير ومسؤولية ضخمة.
- ثالثًا: حلّ الرواسب الطائفية والعرقية التي غرسها النظام السابق (ومن قبله الاستعمار الفرنسي) في البيئة الاجتماعية والسياسية السورية؛ والتي أضرَّت كثيرًا بالنسيج الوطني، وكرَّست عناصر الشك وعدم الثقة داخل الشعب الواحد.
وسيسعى بعض المنتفعين من الاستقطاب الطائفي والعرقي الداخلي إلى ركوب موجات التحريض العلوي والدرزي والسني والكردي، كما ستسعى قوى خارجية إقليمية ودولية، وفي مقدمتها الكيان الصهيوني لإذكاء أجواء الفتنة والانشقاق الداخلي، وتفجير الأزمات، بل وحتى افتعال أحداث قتل وتفجيرات واغتيالات، للدفع باتجاه تمزيق البلد من جديد؛ وصناعة “رموز طائفية” في مواجهة رموز الدولة، وتهيئة أجواء الانفصال أو فرض حكم ذاتي بشروط تُضعف الدولة والهوية الوطنية.
- رابعًا: الهوية والبوصلة: يبرز هذا التحدّي كأحد أبرز التحديات في صياغة سوريا المستقبل؛ فصحيح أن الشعب السوري في أغلبيته الساحقة شعب عربي مسلم (ومن لم تجمعه العروبة يجمعه الإسلام، ومن لم يجمعه الإسلام تجمعه العروبة، وكلاهما يجمعهما الوطن الواحد والتاريخ والحضارة واللغة الواحدة).
وصحيح أن الثورة قادتها فصائل إسلامية، غير أن عشرات السنوات من الحكم العلماني الدكتاتوري الطائفي، واللجوء السوري بالملايين في المهجر، قد فتح المجال لرؤية سوريا المستقبل في قوالب مختلفة إسلامية أم علمانية أم في المزج بينهما بدرجة أو بأُخرى، وفي تعريف سوريا لنفسها في بيئتها العربية والإسلامية والدولية، ودورها تجاه قضايا أمتها، وفي درجة انكفائها المحلي القُطري أو انفتاحها الإقليمي؛ خصوصًا أن التحديات المحيطة بها لن تتركها حتى لو أرادت هي نفسها أن تنكفئ على ذاتها.
وستسعى القوى الإقليمية والدولية إلى استخدام كافة وسائل النفوذ التي لديها لتوجيه بوصلة الحكم بما يتوافق مع معاييرها.
وكما لاحظنا فإن هذه القضية كانت من أولى القضايا التي تمت محاولة تحريك الشارع لأجلها، ونزلت أولى المظاهرات بعد أيام من انتصار الثورة تنادي بشعارات علمانية الدولة، وهو مدخل مثالي للقوى المضادة للثورة يجد صدى ودعمًا إقليميًا ودوليًا.
وقد يظن البعض أن إبقاء حالة الغموض فيه مصلحة، غير أن ذلك سيكون أكبر مدخل لإفراغ الثورة من محتواها، وحرف بوصلتها والقفز عليها؛ وسيكون حسم الهوية والبوصلة في إطار حضاري تشاركي استيعابي متسامح، أحسن ألف مرة في حشد وتحفيز الغالبية الساحقة من الشعب، وترسيخ بنية الدولة الجديدة، وتحصين الثورة، وقطع ألسن المرجفين والمشككين.
ولعل الأولى بالنظام الجديد أن يحسم مبكرًا الهوية العربية الإسلامية للدولة، وانسجامها مع دينها وتراثها وحضارتها، وقضايا أمتها وعلى رأسها قضية فلسطين.
- خامسًا: الابتزاز السياسي الإقليمي والدولي: ستعاني القيادة الجديدة من هذا الابتزاز السياسي للحصول على “الشرعية” والاعتراف، والتعامل الطبيعي مع الدولة السورية، وسيسعى عدد من القوى لفرض شروط على شكل الحكم وطبيعته بما في ذلك الدستور، وإدخال وكلاء لها أو متوافقين معها في الحكومة ومفاصل الدولة؛ وهو ما يحتاج الكثير من الحكمة والحزم من القيادة.
- سادسًا: التدخل الخارجي الناعم: مع الاتجاه نحو النظام الديمقراطي والتعددية السياسية وفتح مجال للحريات، هناك أنظمة تخشى من “عدوى” الحرية ومن وتيارات “الإسلام السياسي” على شعوبها وأنظمتها، وستقوم باستخدام المال السياسي، وأشكال الدعم السياسي والتلميع الإعلامي لرموز وقوى معينة وتضخيمها، لركوب الثورة أو القيام بثورة مضادة، وإعادة إخضاع الشعب للمنظومات الفاسدة والمستبدة إياها التي ثار عليها الشعب سابقًا، كما حدث مع عدد من بلدان “الربيع العربي”، وهو ما يصبُّ في المصالح الغربية والإسرائيلية في المنطقة.
- سابعًا: التحدي الصهيوني: والتدخل الإسرائيلي المباشر وغير المباشر عسكريًا وأمنيًا، وبالأدوات الخشنة والناعمة المختلفة كأحد أبرز المخاطر التي تواجه القيادة الجديدة، حيث سيسعى الصهاينة لإضعاف النظام وقصقصة أجنحته، ووضع معايير “إسرائيلية” وأسقف أمنية تسعى لإبعاد أي مخاطر محتملة على الكيان، ومنعه من امتلاك عناصر النهوض والقوة؛ لأن نهضة أي دولة، خصوصًا في البيئة المحيطة بالكيان، هي في معايير الكيان خطر إستراتيجي، حتى لو تجنبت هذه الدولة أي مواجهات مع الكيان.
- ثامنًا: الحفترة: ثمة مخاوف من أن تقوم أنظمة إقليمية ودولية بدعم ظهور “حفتر جديد” في سوريا، وتوفير الدعم اللوجيستي والمالي والعسكري له، بحيث يكون عنصر انقسام وتفجير في الساحة السورية؛ ومن المفترض أن تتعامل الثورة بقوة وحسم وسرعة مع هكذا ظواهر، وتعبئ الوعي الشعبي ضدها، ولا تسمح لها بالنمو تحت أي ذرائع.
- تاسعًا: التواجد الأميركي والروسي على الأرض السورية يمثل تحديًا كبيرًا، والعمل على إزالته وإنهاء مسببات وجوده، يجب أن يكون في الأجندة الرئيسية للنظام الجديد.
- عاشرًا: فلول النظام: ربما أصبحت بقايا النظام، ومجموعاتُ المستفيدين منه والآسفون على ذهابه في وضع ضعيف مهزوز، وهاربين من غضب الجماهير ومن ضحايا النظام؛ ولكنهم مع الوقت سيحاولون لملمة صفوفهم وإعادة تقديم أنفسهم في شكل أحزاب ورموز وهيئات وشبكات مصالح، تحاول اختراق النظام الجديد والقفز عليه.. إذ لا ينبغي أن يغيب عن ذهننا وجود مئات الآلاف من العسكر والأمن وكوادر حزب البعث والمستنفعين من النظام السابق ممن أصبحوا “أيتامًا” بعد سقوط النظام، وممن سيسعون لإعادة تموضعهم، أو ممن سيبحثون عن رعاة جدد.
وأخيرًا، فالشعب السوري قدم تضحيات هائلة، ومن حقه أن يقطف ثمار تضحياته، وثمة تجربة جديدة تستحق التشجيع. وصحيح أن المخاطر كبيرة، لكن الفرص المتاحة غير مسبوقة. والسوريون في كل الأحوال لا يملكون ترف الخيارات السهلة؛ وإن أجواء الدعم والثقة بالله (مع الحذر الواجب) يجب أن تحكم المسيرة، وليس أجواء الإحباط والتثبيط.
الجدير بالذكر أن خبر “فرص وتحديات ومخاطر أمام الثورة السورية” تم نقله واقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق اشراق العالم 24 والمصدر الأصلي هو المعني بما ورد في الخبر.
اشترك في نشرة اشراق العالم24 الإخبارية
الخبر لحظة بلحظة
اشرق مع العالم
اقرأ على الموقع الرسمي
روابط قد تهمك
مؤسسة اشراق العالم خدمات المواقع والمتاجر باك لينكات باقات الباك لينك
اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.