الخانقاه والخانكة.. كيف تطور مسمى مأوى المتصوفة إلى لفظ يعنى الجنون

دائمًا يشار إلى الشخص المختل عقليا فى مصر بكلمة “خانكة” وأصل الكلمة يعود إلى وجود مستشفى شهيرة للأمراض النفسية فى مدينة الخانكة بمحافظة القليوبية، والذى يعد من أكبر دور الصحة النفسية فى مصر، حيث تبلغ مساحته 179 فدانا، ويعتبر أحد أقدم المستشفيات فى مصر، حيث تم إنشاؤه سنة 1912 في عهد الخديوي عباس حلمي في منطقة صحراوية وعلى مساحة 570 فدانا، تبقى منها الآن ضمن مساحة المستشفى الفعلية تقريباً 171 فدانا.

الخانكة (الخانقاه أو الخانكاة) هي كلمة فارسية بالأساس، تطلق على أماكن خاصة بالمتصوفين يمارسون فيها شعائرهم، كما تأوي الدراويش والمتصوفين المتجولين، وترادف كلمات زاوية، وتكية التي تسمى بها في تركيا والبوسنة وألبانيا، ورباط التي تعرف بها في شمال أفريقيا ولهذا يسمى الصوفييون في المغرب بالمرابطين.

يعرف المقريزي في خططه الخانقاوات بقوله: “الخوانك جمع خانكاة وهي كلمة فارسية معناها بيت، وقيل أصلها (خونقاة) أي الموضع الذي يأكل فيه الملك، والخوانك حدثت في الإسلام في حدود الأربعمائة من سنين الهجرة وجعلت لتخلى الصوفية فيها لعبادة الله تعالى”.

وبنى المملوكي الناصر محمد بن قلاوون خانقاه سنة 723 هجرية مدينة في محافظة القليوبية عرفت بخانقاه سرياقوس، ويرجع المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار بناء الناصر قلاوون للخانقاه إلى أن الناصر أحس بألم شديد في رحلة صيد لذلك المكان فنذر لله أن يبني دارًا للعبادة في نفس المكان إن هو نجاه، فكان ذلك. بنى الناصر الخانقاه وبنى إلى جوارها مسجدًا وحمامًا ومطبخًا.

ارتبطت لفظة الخانكة على مر الأزمان بمستشفيات الأمراض العقلية، إلا أن المعنى الحقيقي للكلمة بعيد كل البعد عن هذا، وما هذا الارتباط إلا نتيجةً لوجود مستشفى للأمراض العقلية في مدينة الخانكة الواقعة في محافظة القليوبية، والتي حصلت على اسمها الحالي بسبب قصة إصابة السلطان الناصر محمد بن قلاوون، إذ خرج السلطان في رحلة صيد أصيب في اثنائها بوعكة صحية، فأمر ببناء خانكة للصرفيين وعابري السبيل في المنطقة التي كان فيها، فتم بناء الخانكة في عام 1342م وشفي السلطان بإذن الله تعالى.

وارتبط اسم الخانكة بمستشفى الأمراض النفسية، ففي نفس المدينة التي شيد فيها السلطان قلاوون الخانقاه ومنها حصلت على اسمها، شيد الخديوي عباس حلمي الثاني مستشفى الخانكة للصحة النفسية سنة 1912 ميلادية، ومن وقتها تحول لفظ الكلمة من “الخانقاه” والتي تعد مكان تجمع الصوفية إلى مستشفى للأمراض العقلية والنفسية، ووصمة بالجنون.