الجزيرة نت

مرحلة ما بعد الحرب تثير سجالا بين الجيش وباقي الفرقاء بالسودان | سياسة


أثار إعلان عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش السوداني ياسر العطا بأن الجيش لن يسلم السلطة إلى القوى المدنية إلا عبر انتخابات وأن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان سيكون رأس الدولة خلال الفترة الانتقالية، جدلا وسط الفرقاء السودانيين، واتهمت قوى معارضة الجيش بالسعي للاستمرار في السلطة وتأسيس حكم استبدادي.

وقال العطا إن الجيش لن يسلم السلطة لقوى سياسية أو مدنية أو أحزاب دون انتخابات. وأضاف في كلمة أمام قيادات “تنسيقية القوى الوطنية” المساندة للجيش في أم درمان “أنه لا بد من فترة انتقالية يكون القائد العام للجيش هو رأس الدولة ومشرف عليها، تشارك فيها الأجهزة الأمنية على رأسها الجيش والشرطة والأمن”.

تسوية سياسية

وأتى حديث العطا بعد يومين من كشف الحزب الشيوعي وحزبي الأمة القومي والبعث العربي الاشتراكي، في لقاء مشترك بالقاهرة، عن مشروع تسوية سياسية تؤسس لشمولية يتقاسم فيها الجيش وقوات الدعم السريع والحركات المسلحة وتنظيمات مدنية السلطة لمدة 10 سنوات.

وكان البرهان قد قال في فبراير/شباط الماضي إنه “إذا لم تنته الحرب، فلن تكون هناك عملية سياسية في السودان”.

ويضغط المجتمع الدولي والإقليمي لإقرار عملية سياسية بالتزامن مع مفاوضات وقف إطلاق النار، لكن ثمة خلافات حول من يشارك في العملية وموعدها.

ويوضح مسؤول في مجلس السيادة أن ياسر العطا لم يقصد سيطرة الجيش على السلطة وإنما الإشراف على المرحلة الانتقالية التي تلي الحرب، عبر مجلس رئاسي يقوده البرهان وتشكيل حكومة كفاءات وطنية غير حزبية تدير البلاد بعد مؤتمر حوار سوداني-سوداني شامل لتحديد المستقبل السياسي.

وحسب حديث المسؤول للجزيرة نت، فإن ما يدعو له العطا أشبه بما حدث عقب ثورة أبريل/ نيسان 1985 حينما شكل وزير الدفاع وقائد الجيش عبد الرحمن سوار الذهب مجلسا عسكريا انتقاليا برئاسته كان يقوم بمهام السيادة، وحكومة مدنية برئاسة نقيب الأطباء الجزولي دفع الله، قبل نقل السلطة إلى حكومة منتخبة بعد عام.

ويرى المتحدث ذاته أن فترة ما بعد الحرب ستكون خطيرة بسبب تداعيات القتال وتحديات عظيمة لاستعادة الأمن والاستقرار “مما يتطلب وجودا فاعلا للمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية”، برأيه.

خريطة جديدة

في المقابل، انتقد قادة القوى المعارِضة ياسر العطا، واعتبروا أن هدف الحرب هو استمرار الجيش في السلطة وتأسيس حكم استبدادي.

ويعتبر عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية “تقدم” ياسر عرمان، حديث العطا “لحظة صدق نادرة أفصح فيها عن الأهداف الحقيقية لهذه الحرب ونوايا الذين يقفون من خلفها، فهي لم تكن يوما من أجل الكرامة أو الوطن، بل من أجل استعادة السلطة والجاه من قبل الإسلاميين ومنسوبيهم وحلفائهم من كبار الضباط”.

ويطالب عرمان بضرورة الفصل بين مفاوضات وقف إطلاق النار والعملية السياسية التي يجب ألا تُترك لطرفي النزاع وإلا “فإن السلطة ستنتهي في يد العسكر وبمعزل عن الشعب وشعارات الثورة في المدنية والديمقراطية، فالذي يملك البندقية لا يكتب نفسه شقيا”.

بدوره، يرى القيادي في قوى الحرية والتغيير ونائب رئيس المؤتمر الوطني خالد عمر أن تصريحات مساعد قائد الجيش عن السلطة تكشف عن “حقيقة جانب من أهداف الحرب، وهو ترسيخ سلطة عسكرية استبدادية، وقطع الطريق أمام أي تحول مدني ديمقراطي”.

وكتب خالد عمر على منصة إكس إن “القوى المدنية ستظل ضد هذه الحرب، ولن تنحاز لأي شكل من أشكالها أو طرف من أطرافها”.

من جهته، يعتقد وزير الشباب السابق والقيادي الإسلامي في حزب المؤتمر الوطني المحظور -الحاكم سابقا- حاج ماجد سوار أن تصريحات العطا وضعت الجميع أمام خريطة سياسية جديدة تتجاوز مرحلة ما بعد نظام الرئيس السابق عمر البشير في أبريل/ نيسان 2019 بكل مساوئها.

ويدعو -عبر تدوينة على فيسبوك- القوى السياسية إلى التعاطي بإيجابية مع رؤية الجيش التي طرحها العطا وتقديم مقترحات لتحسينها.

ويقترح الفاعل ذاته تطبيق نموذج سوار الذهب بتشكيل مجلس عسكري يدير شؤون السيادة والأمن وحكومة مدنية لإدارة شؤون الحكم ومعالجة آثار الحرب، وتحسين حياة المواطنين والشروع في إعادة إعمار البلاد، وتحديد فترة انتقالية لا تتجاوز عامين قبل إجراء الانتخابات.

عسكرة السياسة

يقول المحلل السياسي وخبير السياسات الحاج حمد أن موقف العطا هو حال العسكر في السودان ومحاولة فرض التدخل في السياسة، وإنه ناتج عن تدخل الأحزاب في المؤسسة العسكرية لاستخدامها في الصراع السياسي.

وفي حديث للجزيرة نت، يرى حمد أن ما يشهده السودان في المرحلة الحالية هو صراع بين جيشين “يلهثان” لإيجاد غطاء مدني، حيث وقعت قوى “تقدم” ميثاقا مع قيادة الدعم السريع، وسعى الجيش لميثاق آخر مع “الكتلة الديمقراطية” لتكون غطاء لتشكيل حكومة موالية له.

ولا يتوقع الحاج حمد تغييرا في مواقف القوى الدولية تجاه الأوضاع في السودان وأطراف الصراع، ويتوقع أن تكون الحكومة المقبلة كالمكلفة حاليا، وقد يقل سندها السياسي في حال ظهور وجوه إسلاميين في صفوفها.

أما المحلل السياسي ورئيس تحرير “إيلاف” خالد التجاني، فيرى أن القوى المدنية ينبغي ألا تكون جزءا من مفاوضات وترتيبات إنهاء الحرب، وأن إصرارها على المشاركة سيؤدي إلى “عسكرة السياسة” وتكرار الأخطاء المستمرة في تاريخ البلاد وستدفع ثمن ذلك.

وفي تصريح للجزيرة نت، يقول التجاني إن القوى المدنية والعسكرية لا تملك تفويضا لتحديد مستقبل السودان السياسي، ويجب ألا ينفرد أي طرف غير مفوض شعبيا بصناعة المشهد السياسي، كما أن أطراف القتال ليست أحزابا حتى تحسم قضايا سياسية.

ويعتقد المحلل ذاته أن تحديات مرحلة ما بعد الحرب تتطلب أن يكون هناك دورا للمؤسسة العسكرية لا تحدده هي وإنما عبر توافق وطني، وتشكيل حكومة إدارية ليس لها قرار سياسي، وانتخاب جمعية تأسيسية لتحديد خيارات يُستفتى فيها الشعب.



اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading