أدب وثقافة

ماذا فعل عمر بن الخطاب عندما سمع من النبى كلمة يا أخى؟

اشراق العالم 24 متابعات ثقافية:


تحل، اليوم، ذكرى وفاة عمر بن الخطاب رضى الله عنه ثانى الخلفاء الراشدين وأمير المؤمنين الذى أحل العدل وجعله عصاه التى يتوكأ عليها، ومن عظم خلقه وأخلاقه كتب عنه عباس العقاد كتاب عبقرية عمر الذى جاء فيه: ونفس عمر بن الخطاب هى تلك النفس التى تدعم علم الأخلاق من الأساس، وهى ذلك الصرح الشامخ الذى ننظر إلى أساسه، فكأننا تسلفنا النظر إلى ذروته العليا؛ لأنه قرَّب بين الآمال والقواعد أوجز تقريب، إذ هو التقريب الملموس.


آمال كثيرة من آمال محبي الخير ودعاة الإصلاح هي في نفس عمر بن الخطاب وقائع مفروغ منها، كأنها وقائع المرئيات والمسموعات.


فمنها فيما أسلفناه أنَّ القوة لا تناقض العدل في طبيعة الإنسان، بل يكون العدل هو القوة التي تخيف فيخافها الظالمون.


ومنها فيما نحن بصدده الآن أنَّ القوة لا تناقض الإعجاب على خلاف ما يتبادر إلى الأكثرين.


فإن الأكثرين يحسبون أنَّ الرجل الذي يعجب به الناس لا يعجب هو بأحد، وأنَّ البطل الذي يقدسه عشاق البطولة لا يعشق البطولة في غيره، وأنَّ التطلع إلى الأعلى صفة ينطبع عليها الصغار ليرتفعوا بعض الارتفاع ويحسنوا الخدمة والعون للكبار، ولكنها صفة ينفر منها الكبير ويحس فيها الغضاضة أن يصغر إلى جانب المتفوقين عليه ممن هم أكبر قدرًا وأحق بالإعجاب.


لكن البطل الذي ندرسه هذه الدراسة ينقض ذلك الحسبان أقوى نقض مستطاع؛ لأنه بطل يروع، ويعرف روعة البطولة، ويستحق الإعجاب غاية استحقاقه، ثم يخيل إليك من فرط ولائه لمن يفوقونه أنه خُلِق للإعجاب بغيره، ولم يُخلَق ليكون هو موضع إعجاب.


فعمر كان يحب محمدًا حب إعجاب، ويؤمن به إيمان إعجاب، ويستصغر نفسه إذا نظر إلى عظمة محمد، وما هو فيما خلا ذلك بصغير في نظر نفسه ولا في نظر الناس.


كان محمد — عليه السلام — كما نعلم قدوة في الدعة وحسن المعاملة لجميع صحبه وتابعيه، وكان يعاملهم جميعًا معاملة الإخوان والزملاء، فلا يغمرهم برهبة التفاوت الشاسع والتفوق البعيد، فلو جاز أن ينسى أحدٌ فارقًا بينه وبين عظيم لنسي أصحاب النبي هذا الفارق بما يلقونه من مساواته وحسن معاملته، ولو نسيانًا إلى حين.


إلا أنَّ عمر «العظيم» سمع مرة من صديقه محمد — عليه السلام — كلمة «يا أخي» فظل يذكرها مدى الحياة.


استأذنه في العمرة فأذن له وقال: “يا أخي لا تنسنا من دعائك”، فما زال عمر يقول بعدها كلما ذكرها: “ما أحب أن لي بها ما طلعت عليه الشمس، لقوله يا أخي”.


شهادة لعظمة محمد أن يؤاخي الناس كبارًا وصغارًا، وأنَّ الناس كبارًا وصغارًا لا ينسون ما في مؤاخاته من فخر وغبطة، وما بينهم وبينه من فارق بعيد.


وشهادة لعظمة عمر أنه أهل لذلك الإخاء؛ لأنه يدرك ما فيه من عظمة، ويشعر بما فيه من رضوان.


وما يدريك ما عمر الذي يشيع في قلبه الفرح بهذا الإخاء؟


ليس بالرجل الذي يحب تواضع المرائين، وليس بالرجل الذي يُجهَل مقداره، أو يهاب مخلوقًا بغير الحق وبغير الإعجاب.


عمر هذا هو الذي تولى الخلافة وحجته الأولى في ولايتها أنه أكفأ المسلمين لها غير مدافع، وأنه كما قال: “لو علمت أنَّ أحدًا أقوى مني على هذا الأمر، لكان أن أقدم فتُضرب عنقي أحب إليَّ من أن أَلِيَه”

نعم، هو عمر أقدر المسلمين كما يعلم، وهو عمر الذي يستصغر نفسه إذا نظر إلى المثل الأعلى والقدوة الفضلى، وهو إذن أكبر ما يكون بهذا الاستصغار.


لقد كان يُسمَع وهو خليفة يقول كالساخر وما هو بساخر: “بخٍ بخٍ يا بن الخطاب، أصبحت أمير المؤمنين”.



اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading