الجزيرة نت

ماذا بعد إعادة عبد اللطيف المكي لسباق الانتخابات الرئاسية بتونس؟ | سياسة


تونس- اعتبر مراقبون أن قبول المحكمة الإدارية في تونس طعن المرشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة عبد اللطيف المكي في قرار هيئة الانتخابات التي رفضت أوليا قبول ملفه، مؤشرا إيجابيا لعودته للسباق الانتخابي مع مرشحين آخرين لتحقيق منافسة جدية مع الرئيس قيس سعيد.

وقد أعلن اليوم الناطق باسم المحكمة الإدارية فيصل بوقرة عن قبول المحكمة الإدارية في طور الاستئناف طعن المرشح للانتخابات الرئاسية عبد اللطيف المكي شكلا وأصلا، ناقضة بذلك قرار هيئة الانتخابات التي كانت قد ألغت ترشحه بحجة عدم استيفاء الشروط اللازمة.

ومن أصل 17 ترشحا كانت هيئة الانتخابات قد أسقطت 14 ترشحا وأبقت على 3 مرشحين فقط وهم الأمين العام المستقيل من حركة “عازمون” العياشي الزمال والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي والرئيس الحالي قيس سعيد الذي يسعى لولاية ثانية من 5 سنوات.

وتصاعدت أصوات المعارضة للاحتجاج على هيئة الانتخابات بدعوى أنها ارتكبت خروقات قانونية فادحة للتضييق على المرشحين وإقصائهم بشروط تعجيزية أو لأتفه الأسباب نزولا عند رغبة الرئيس قيس سعيد وتعبيدا للطريق له للاستمرار بالتفرد بالسلطة، وفق قولهم.

وعقب قبول المحكمة الإدارية اليوم الطعن المقدم من المرشح عبد اللطيف المكي أصبح نظريا الأخير في حلبة السباق الانتخابي في انتظار صدور بقية قرارات المحكمة الإدارية الخميس المقبل الخاصة بالمرشحين منذر الزنادي وعبير موسي وعماد الدائمي والبشير العواني.

ترحيب بالقرار

ورحبت أطراف معارضة وحقوقية اليوم بقرار المحكمة الإدارية معتبرة أنه يعطي جرعة أمل في دفاع القضاء الإداري عن استقلالية القضاء في وجه ضغوط السلطة الحاكمة، في الوقت الذي تنتقد فيه المعارضة الرئيس سعيد بالتدخل في القضاء وتخويف القضاة بعزلهم.

ويقول أحمد النفاتي رئيس الحملة الانتخابية للمرشح عبد اللطيف المكي إن المحكمة الإدارية أنصفت المكي بإعادته للسباق الانتخابي بعدما كانت هيئة الانتخابات رفضت ترشحه بحجة عدم استيفاء شرط جمع التزكيات، مؤكدا أن حكم المحكمة أصبح باتا وغير قابل للطعن.

النفاتي يوضح للجزيرة نت أن هيئة الانتخابات تعسفت على المرشح عبد اللطيف المكي برفض ترشحه بعد إلغاء مئات التزكيات الشعبية التي جمعها من أنصاره، لافتا إلى أن 8 قضاة من المحكمة الإدارية تنقلوا إلى مقر هيئة الانتخابات وتثبتوا من صحة التزكيات.

من جانبه، يقول المحامي والناشط الحقوقي العياشي الهمامي للجزيرة نت إن قرار المحكمة الإدارية بإنصاف المرشح للرئاسية عبد اللطيف المكي ليس مفاجئا لأن ملف ترشحه جدير بالقبول، معتبرا أن رفض ترشحه في البداية من قبل هيئة الانتخابات فيه تعسف ظالم.

ويؤكد أن قرار المحكمة الإدارية اليوم بقبول طعن المرشح عبد اللطيف المكي هو نهائي وباتّ ولا يقبل أي وجه من أوجه الطعن، قائلا “ليس الآن على هيئة الانتخابات إذا أرادت احترام القانون إلا أن تعيد إدراج عبد اللطيف المكي ضمن المرشحين في القائمة النهائية”.

مؤشر إيجابي

ووفق القانون الانتخابي يتعين على هيئة الانتخابات أن تصدر القائمة النهائية للمترشحين بعد انتهاء آجال الطعون لدى المحكمة الإدارية، وفق الهمامي. ومن المنتظر أن تصدر هيئة الانتخابات في الرابع من سبتمبر/أيلول المقبل القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات.

ويرى الهمامي أن قرار المحكمة الإدارية بإرجاع عبد اللطيف المكي لسباق الانتخابات مؤشر إيجابي يعطي جرعة أمل للتونسيين للذهاب والمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل رغم المناخ المتسم بالتضييق على خصوم الرئيس.

ويرى الهمامي أن عبد اللطيف المكي مرشح يمتلك خزانا انتخابيا واسعا باعتبار أنه يمثل ما يسمى في تونس بالتيار المحافظ الذي يشمل الإسلاميين بصفة عامة، مرجحا أن يصوت هذا التيار للمكي إذا لم تحصل مقاطعة للانتخابات من قبل الناخبين.

كما يرى أن للمكي حظوظا وافرة لتجميع الأصوات ومنافسة الرئيس الحالي قيس سعيد الذي صعد لسدة الحكم في الانتخابات الرئاسية المبكرة في 2019 ثم اتخذ إجراءات استثنائية في يوليو/تموز 2021 جعلته متفردا بالحكم، وفق وصف المعارضة.

ومن وجهة نظر المحلل السياسي صلاح الدين الجورجي فإن إرجاع المرشح عبد اللطيف المكي لحلبة السباق الانتخابي مؤشر جيد على أن المحكمة الإدارية ما زالت تشكل في المنظومة القضائية عنصرا مهما وداعما لمبدأ الحقوق والحريات خاصة في هذا الوضع الدقيق.

قرار مزعج

ويقول الجورجي للجزيرة نت إن حكم المحكمة الإدارية قد أزعج هيئة الانتخابات باعتبار أنه يتناقض مع مصلحتها ومع قراراتها وفلسفتها في إدارة الشأن الانتخابي، لكنه يستطرد “علينا الآن أن ننتظر قليلا لنعرف إن كان هذا الحكم كافيا لإرجاعه إلى سباق الانتخابات أم لا”.

وبشأن الحكم الصادر مطلع هذا الشهر ضد المكي بـ8 أشهر سجنا ومنعه من الترشح للانتخابات مدى الحياة بحجة أنه قام بتزوير التزكيات، قال مدير حملته الانتخابية أحمد النفاتي إن هذا الحكم ابتدائي قابل للطعن في طور الاستئناف، آملا في أن ينصفه القضاء العدلي.

وحول تقديره لشعبية المرشح عبد اللطيف المكي ومدى قدرته على تجميع الأصوات من حوله، يقول المحلل صلاح الدين الجورشي إن الأمر لا يتعلق بثقله الشعبي بقدر ما يتعلق بالمناخ العام الذي ستجرى فيه الانتخابات الذي يعطي انطباعا بإقصاء المرشحين لمصلحة الرئيس.

لكنه يرى أن خصوم الرئيس يتابعون التطورات المتعلقة بالشأن الانتخابي للتعبير عن إرادتهم في اختيار شخص منافس للرئيس سعيد خاصة إذا كان هناك دور ثان في الانتخابات الرئاسية، مجددا قوله إن الإشكال لا يتعلق بنتيجة حكم المحكمة بقدر ما يتعلق بمناخ الانتخابات.

في المقابل يرى بعض المراقبين أن إعادة المرشح عبد اللطيف المكي إلى سباق الانتخابات تصب في مصلحة الرئيس قيس سعيد باعتباره كان قياديا في حركة النهضة التي حكمت البلاد ضمن تحالفات سياسية، لكنها أخفقت بحسب المراقبين في إدارة الحكم ما أدخل البلاد في أزمات.

وكان عبد اللطيف المكي أحد صقور حركة النهضة وقد تقلد خلال قيادته فيها منصب وزير الصحة قبل أن يعلن استقالته منها بسبب رفضه لاستمرار راشد الغنوشي على رأس الحزب، ثم أسس حزبا جديدا أطلق عليه اسم حزب العمل والإنجاز في صيف 2022.

كما يتوقع مراقبون بعد إرجاع عبد اللطيف المكي لسباق الانتخابات أن تتم إعادة المرشح عماد الدائمي المحسوب وفق رأيهم على التيار الإسلامي، من أجل تشتيت أصوات حركة النهضة وشق صفوفهم من أجل حسم الفوز لصالح الرئيس قيس سعيد، وفق رأيهم.

ويتهم أنصار الرئيس قيس سعيد حركة النهضة وأتباعها من الأحزاب التي حكمت معها خلال العقد الماضي بعد الثورة أنها فشلت في إدارة البلاد ما جعلها تغوص في أزمات اقتصادية واجتماعية حادة، هيأت الأرضية للرئيس قيس سعيد للإعلان عن تدابيره الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021.





اقرأ على الموقع الرسمي


اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق العالم 24

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading